وفيه : ان الجري العملي والبناء العملي علي أحد طرفي الشك كما هو ظاهر كلامه مما لا تناله يد الجعل لأنه فعل للمكلف ، وما يصح جعله انما هو إيجاب الجري العملي ، فهو لا يفيد ، ولا يرفع غائلة التضاد بين الواقعية والظاهرية ، فان إيجاب الجري العملي على إتيان الشرط أو الجزء بعد تجاوز محله ، مع انه أحيانا يؤدى إلى ترك الواقع ، لا يجتمع مع فعلية حكم الجزئية والشرطية ، ولا يعقل جعل الهوهوية بين الواقع وما يخالفه أحيانا أضف إلى ذلك انه ليس من حديث الهوهوية عين ولا أثر في الأصول التنزيلية كما سيوافيك بيانه عند البحث عن الاستصحاب وقاعدة التجاوز.
كلامه قدسسره في غير المحرزة من الأصول
ثم انه قدسسره قد أفاد في هذا الباب ما هذا ملخصه : ان للشك في الحكم الواقعي اعتبارين «أحدهما» كونه من الحالات والطواري اللاحقة للحكم الواقعي أو موضوعه كحالة العلم والظن ، وهو بهذا الاعتبار لا يمكن أخذه موضوعاً لحكم يضاد الحكم الواقعي لانحفاظ الحكم الواقعي عنده (ثانيهما) اعتبار كونه موجبا للحيرة في الواقع وعدم كونه موصلا إليه ومنجزا له ، وهو بهذا الاعتبار ، يمكن أخذه موضوعا لما يكون متمما للجعل ، ومنجزا للواقع وموصلا إليه ، كما انه يمكن أخذه موضوعا لما يكون مؤمّنا عن الواقع حسب اختلاف مراتب الملاكات النّفس الأمرية ، فلو كانت مصلحة الواقع مهمة في نظر الشارع كان عليه جعل المتمم كمصلحة احترام المؤمن وحفظ نفسه ، فانه أهم من مفسدة حفظ نفس الكافر ، فيقتضى جعل حكم طريقي لوجوب الاحتياط في موارد الشك ، وهذا الحكم الاحتياطي انما هو في طول الواقع لحفظ مصلحته ، ولذا كان خطابه نفسيا لا مقدميا لأن الخطاب المقدمي ما لا مصلحة فيه أصلا ، والاحتياط ليس كذلك لأن أهمية الواقع دعت إلى وجوبه ، فهو واجب نفسي للغير ، لا واجب بالغير ، ولذا كان العقاب على مخالفته ، لا على مخالفة الواقع لقبح العقاب عليه مع الجهل
فان قلت : فعليه يصح العقوبة على مخالفة الاحتياط صادف الواقع أولا ، لكونه