واجبا نفسيا ، قلت : فرق بين علل التشريع وعلل الأحكام ، والّذي لا يدور الحكم مداره هو الأول دون الثاني ، ولا إشكال في ان الحكم بوجوب حفظ نفس المؤمن علة للحكم بالاحتياط ، ولا يمكن ان يبقى في مورد الشك مع عدم كون المشكوك مما يجب حفظه ولكن لمكان جهل المكلف كان اللازم عليه ، الاحتياط تحرزا عن مخالفة الواقع.
ومن ذلك يظهر : انه لا مضادة بين إيجاب الاحتياط وبين الحكم الواقعي ، فان المشتبه ، ان كان مما يجب حفظ نفسه واقعا فوجوب الاحتياط يتحد مع الوجوب الواقعي ويكون هو هو ، وإلّا فلا لانتفاء علته ، والمكلف يتخيل وجوبه لجهله بالحال ، فوجوب الاحتياط من هذه الجهة يشبه الوجوب المقدمي ، وان كان من جهة أخرى يغايره
والحاصل : انه لما كان إيجاب الاحتياط من متممات الجعل الأوّلي فوجوبه يدور مداره ولا يعقل بقاء المتمم (بالكسر) مع عدم المتمم ، فإذا كان وجوب الاحتياط يدور مدار الوجوب الواقعي فلا يعقل التضاد بينهما لاتحادهما في مورد المصادفة وعدم وجوب الاحتياط في مورد المخالفة ، فأين التضاد ، هذا إذا كانت المصلحة مقتضية لجعل المتمم ، واما مع عدم الأهمية ، فللشارع جعل المؤمن بلسان الرفع ، كما في قوله صلىاللهعليهوآله رفع عن أمتي ما لا يعلمون ، وبلسان الوضع : مثل قوله عليهالسلام كل شيء حلال ، فان رفع التكليف ليس من موطنه ليلزم التناقض ، بل رفع التكليف عما يستتبعه من التبعات وإيجاب الاحتياط ، فالرخصة المستفادة من دليل الرفع نظير الرخصة المستفادة من حكم العقل لقبح العقاب بلا بيان في عدم المنافاة للواقع ، والسر فيه انها تكون في طول الواقع لتأخر رتبته عنه ، لأن الموضوع فيها هو الشك في الحكم من حيث كونه موجبا للحيرة في الواقع ، وغير موصل إليه ولا منجز له ، فقد لوحظ في الرخصة وجود الحكم الواقعي ، ومعه كيف يعقل ان تضاده ، و (بالجملة) الرخصة والحلية المستفادة من حديث الرفع وأصالة الحل ، تكون في عرض المنع والحرمة المستفادة من إيجاب الاحتياط. وقد عرفت