أو مع قطع النّظر عن الإتيان بداعي احتمال الأمر (قلت) : ان انطباق عنوان الاحتياط على ذات العمل ، لا يوجب كون ذات العمل متعلقا للأمر ، لما مر مرارا من ان انطباق عنوان على شيء لا يوجب تعدي الأمر عن متعلقه ، إلى عنوان آخر يعد منطبقا (بالفتح) له وتجد تفصيل هذا الموضوع في مبحث الترتب ، (وعليه) فلا يعقل تعلق الأمر الاحتياطي المفروض تعلقه في لسان الدليل بعنوان الاحتياط ، بنفس الفعل المشكوك وجوبه ، وإلّا لزم تجافي الأمر عن متعلقه بلا ملاك ، وتخلف الإرادة عن المراد
ويشهد لما ذكرنا : اختلافات كيفية الاحتياط في الواجبات والمحرمات فالاحتياط في الأول بالإتيان ، وفي الثاني بالترك ، فلو تعلق الأمر المتعلق بعنوان الاحتياط بذات العمل لزم ان يكون قوله : فاحتط لدينك ، تارة بعثا إلى الفعل وأخرى زجرا عنه لأن المفروض وقوع نفس هذه الأفعال محطا للخطاب دون عنوان الاحتياط ، و (هذا) بخلاف القول بان الأمر متعلق بنفس عنوان الاحتياط ، (غاية الأمر) ان امتثال الأمر الاحتياطي يختلف عند العقل في الواجبات والمحرمات مع ان تعلق الأمر بالاحتياط بذات العمل خروج عن الاحتياط فان الاحتياط في التعبديات إتيانها بعنوان احتمال التعبدية
ثم ان بعض أعاظم العصر (قدسسره) تصدى لتصحيح العبادات بأوامر الاحتياط ، ونحن قد أوردنا مثل هذا البيان عنه (قدسسره) عند البحث عن اجتماع الأمر والنهي وعليه فلا ملزم لذكره مع ما فيه فراجع
القول في مفاد اخبار من بلغ (١)
ومما يؤيد إمكان الاحتياط في التعبديات بل من أدلته ، اخبار هذا الباب ، فان تلك الاخبار تدل على ان تمام الموضوع للثواب هو البلوغ كما في صحيحة هشام أو السماع كما في بعض آخر منها ، و (عليه) فمهما بلغه أو سمعه وعمل على وزانه رجاء ان رسول الله قد قاله فيثاب وان كان رسول الله لم يقله ، فهذه الاخبار أقوى شاهد على انه لا يشترط في تحقق الإطاعة ، الجزم بالنية ولا قصد الأمر في تحقق الإطاعة ، إذ الثواب الّذي يصل إليه عند المطابقة ، ليس إلّا نفس الثواب المقرر على العمل كما هو ظاهر الصحيحة وبالجملة ان الظاهر منها ان العمل المأتي به رجاء إدراك الواقع والتوصل إلى
__________________
(١) قد جمع الشيخ الحدث الأكبر عامة روايات الباب في مقدمات الوسائل (المؤلف)