واحدة كما في الألف واللام تستفاد منهما الكثرة بتعدد الدال والمدلول ، فإذا قلت كل إنسان ناطق فلفظة إنسان تدل على الطبيعة الصرفة من دون ان تكون حاكية عن الكثرة والافراد ، أو تكون الطبيعة المحكية به مرآة لها ، وكلمة «كل» تدل على نفس الكثرة والتعدد ، وإضافتها إليها تدل علي ان هذه الكثرة ، هو كثرة الإنسان لا كثرة طبيعة أخرى وهي الافراد بالحمل الشائع ، وقس عليه العام المجموعي أو البدلي ، إذ كل ذلك انما يستفاد من دوال أخر غير ما يدل على الطبيعة كلفظة (مجموع) كما تقدم ذكر منه في بحث الواجب المشروط ويأتي إن شاء الله بيانه.
فظهر : مما ذكرنا امران (الأول) ان باب الإطلاق غير مربوط بباب العموم وانه لا جامع بينهما حتى نلتمس في وجه الافتراق ، إذ الغاية من إثبات الإطلاق إحراز كون الطبيعة مثلا تمام الموضوع للحكم من غير قيد واما الاستغراق والبدل ونحوهما فلا يمكن استفادتها من الإطلاق إذ الإطلاق لا يتعرض للكثرة حتى يبحث عن كيفيتها ، واما العموم فهو المقيد للكثرة وكيفيتها ، وعلى هذا يصح ان يعرف العام بأنه ما دل على تمام مصاديق مدخوله مما يصح ان ينطبق عليه ، (واما) تعريفه بأنه ما دل على شمول مفهوم لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه ، فلا يخلو من مسامحة ضرورة ان الكل لا يدل على شمول الإنسان لجميع افراده (والخطب بعد سهل).
الثاني : إذا أمعنت النّظر فيما ذكرناه من انه لا جامع قريب بين باب الإطلاق والعموم ، يظهر النّظر فيما أفاده شيخنا العلامة وبعض الأعاظم (قدسسرهما) من ان العموم قد يستفاد من دليل لفظي كلفظة كل ، وقد يستفاد من مقدمات الحكمة ، والمقصود بالبحث في هذا الباب هو الأول والمتكفل للثاني هو مبحث المطلق والمقيد (انتهى ملخصا) وهو صريح في ان العام على قسمين ، قسم يسمى عاما وفي مقابله الخاصّ ويبحث عنه في هذا المقام وقسم يسمى مطلقا وفي مقابله المقيد ويبحث عنه في باب المطلق والمقيد.
أقول ما أفاداه لا يخلو من غرابة لأن ملاك العام غير ملاك المطلق والمستفاد من الأول غير المستفاد من الآخر ، إذ حقيقة العام وكيفية دلالته قد عرفت بما يسعه