و (منها) قبح تكليف صاحب المروة بستر العورة فان الدواعي مصروفة عن كشف العورة ، فلا يصح الخطاب ، إذ أي فرق بين النهي عن شرب الخمر الموجود في أقاصي الدنيا ، وبين نهى صاحب المروة عن كشف سوأته بين ملأ من الناس ، ونظيره نهى المكلفين عن شرب البول وأكل القاذورات مما يكون الدواعي عن الإتيان بها مصروفة ، إذ أي فرق بين عدم القدرة العادية أو العقلية على العمل ، وكون الدواعي مصروفة عنها ، وما أفاده بعض الأعاظم من ان التكليف غير مقيد بالإرادة لأن التقييد بها غير معقول ، بخلاف القدرة العقلية والعادية ، قد وافاك جوابه ، فانّ التكليف لأجل إيجاد الداعي ولو لأجل الخوف والطمع في الثواب ، والتارك للشيء بالطبع ، سواء نهى المولى عنه أو لم ينهه عنه ، تارك له مطلقا ، فالزجر لغو أو غير ممكن لعدم تحقق ما هو المبادي للإرادة الجدية كما أوضحناه.
و (منها) يلزم على كون الخطاب شخصيا ، عدم وجوب الاحتياط عند الشك في القدرة ، لكون الشك في تحقق ما هو جزء للموضوع ، لأن خطاب العاجز قبيح ، والشك في حصول القدرة وعدمها ، شك في المصداق وهو خلاف السيرة الموجودة بين الفقهاء من لزوم الاحتياط عند الشك في القدرة ، ومنها لزوم الالتزام بان الخطابات وأحكام الوضعيّة مختصة بما هو محل الابتلاء لأن جعل الحكم الوضعي ان كان طبعا للتكليف فواضح ومع عدم التبعية والاستقلال بالجعل فالجعل انما هو بلحاظ الآثار ولهذا لا يمكن جعل حكم وضعي لا يترتب عليه أثر مطلقا فجعل النجاسة للخمر والبول للآثار المرتبة عليها كحرمة الشرب وبطلان الصلاة مع تلوث اللباس بها ومع الخروج عن محل الابتلاء لا يترتب عليها آثار فلا بدّ من الالتزام بان النجاسة والحلية وغيرهما من الوضعيات من الأمور النسبية بلحاظ المكلفين فيكون الخمر والبول نجسان بالنسبة إلى من كان مبتلى بهما دون غيرهما ولا أظن التزامهم بذلك للزوم الاختلال في الفقه والدليل العقلي غير قابل للتخصيص يكشف ذلك عن بطلان المبنى وعلى ما حققناه ، فكلها مندفعة ، فان الخطابات الإلهية فعلية في حق الجميع ، كان المكلف عاجزا أو جاهلا أو مصروفا عنه دواعيه ، أو لم يكن ، وان كان العجز والجهل