قلت : ان الصحة والفساد من عوارض الطبيعة الموجودة وما هو متعلق للأمر انما هو نفس الطبيعة ، فمن المستحيل ان يتعلق البعث بأمر موجود ، كما أوضحناه في محله ، و (عليه) فالطبيعة صادقة على الأقل والأكثر ، فما علم تقييد الطبيعة من الاجزاء يجب الإتيان به وما لم يعلم يجري فيه البراءة العقلية
الإشكال الخامس
ما ذكر المحقق صاحب الحاشية ، وننقله بعين عبارته عن كتابه المطبوع في آخر حاشيته على المعالم ، وما نسبنا إليه من الإشكال السابق فقد تبعنا في النسبة على بعض أعاظم العصر رحمهالله وهذا التقريب غيره ، بل امتن منه وإليك نصّ عبارته ملخصا :
إذا تعلق الأمر بطبيعة فقد ارتفعت به البراءة السابقة وثبت الاشتغال إلّا انه يدور الأمر بين الاشتغال بالأقل والأكثر ، وليس المشتمل على الأقل مندرجا في الحاصلة بالأكثر كما في الدين إذا المفروض ارتباطية الاجزاء ، ولا يثمر القول بان التكليف بالكل تكليف بالأقل ، لأن المتيقن تعلق الوجوب التبعي بالجزء لا انه مورد للتكليف على الإطلاق ، فاشتغال الذّمّة (ح) دائر امره بين طبيعيين وجوديتين لا يندرج أحدهما في الآخر فلا يجري الأصل في تعيين أحدهما ، لأن مورده هو الشك في وجوده وعدمه ، لا ما إذا دار الأمر بين الاشتغال بوجود أحد الشيئين.
فان قلت ان التكليف بالأكثر قاض بالتكليف بالأقل ، فيصدق ثبوت الاشتغال به على طريق اللابشرط فيدور الأمر في الزائد بين ثبوت التكليف وعدمه قلت : ليس التكليف بالأقل ثابتا على طريق اللابشرط ليكون ثبوت التكليف به على نحو الإطلاق ، بل ثبوته هناك على سبيل الإجمال والدوران بين كونه أصليا أو تبعيا ، فعلى الأول لا حاجة إلى الأصل : وعلى الثاني لا يعقل إجرائه
أقول : قد عرفت ان الأقل ليس مغايرا للأكثر عنوانا ولا طبيعتا ، بل الأكثر هو الأقل مع الزيادة فما أفاده من ان الأمر دائر بين طبيعتين وجوديتين لا يندرج أحدهما في الآخر غير تام جدا ، كما ان ما يظهر منه من ان الأقل واجب بوجوب التبعي لا بالوجوب المتعلق