فاما ان يكون السبب واحدا ، أولا (ثم) الحكم التكليفي اما إلزاميّ في الدليلين أو غير إلزاميّ فيهما أو مختلف ، وعلى التقادير قد يكون الإطلاق والتقييد في الحكم ومتعلقه وموضوعه ، وقد يكونان في اثنين منهما وقد يكون في واحد ، فهذه جملة الصور المتصورة في المقام
وقبل الشروع في أحكام الصور نشير إلى نكتة ، وهو ان محط البحث في الإطلاق والتقييد ، وحمل أحدهما على الآخر انما هو فيما إذا ورد المقيد منفصلا عن مطلقه ، واما المتصلين فلا مجال للبحث فيهما ، لأن القيد المتصل يمنع عن انعقاد الإطلاق حتى يكون من باب تعارض المطلق والمقيد ، لما عرفت : ان عدم القرينة من محققات موضوع الإطلاق ، و (بما ذكرنا) يظهر الخلط في كلام بعض الأعاظم ، حيث عمم البحث إلى الوصف والحال ، وقال ان ملحقات الكلام كلها قرينة حاكمة على أصالة الظهور في المطلق وقاس المتصلين بالقرينة وذي القرينة في ان ظهور القرينة حاكمة على ذي القرينة ثم قاس المقيد المنفصل بالمتصل
قلت وفيه : اما أولا ، فلان باب الإطلاق ليس باب الظهور اللفظي ، حتى يقع التعارض بين الظهورين أو يقدم ظهور المقيد على ظهور المطلق ، بالحكومة ، بل الإطلاق دلالة عقلية ، والحكومة (كما سيوافيك ، بإذنه تعالى) من حالات لسان الدليل بان يتعرض لحال دلالة الدليل الآخر ، وثانياً : ان حكومة ظهور القرينة على ذي القرينة مما لا أساس لها ، ضرورة ان الشك في ذي القرينة لا يكون ناشئا من الشك في القرينة ، إذ في قوله : رأيت أسدا يرمي لا يكون الشك في المراد من الأسد ناشئا من الشك في المراد من يرمى كما ادعى القائل بل الشكان متلازمان فلا حكومة بينهما.
وثالثاً : ان قياس المقيد المنفصل بالمتصل ، مما لا وجه له ، إذ القياس مع الفارق لأن الإطلاق ينعقد مع انفصال القيد إذا أحرز كونه في مقام البيان ، واما القيد المتصل فهو رافع لموضوع الإطلاق ، فلا يقاس متصله بمنفصله ، واما وجه التقديم في المنفصلين فليس لأجل الحكومة بل المطلق انما يكون حجة ان لم يرد من المتكلم بيان وبعد