الأصحاب حيث كان يتسامح فيه لا في مقام نقل التزام المتشرعة وسيرة أصحاب الأئمة فانَّه لم يثبت التسامح منهم في مقام نقلها فانَّه اخبار عن عمل خارجي لا عن مسألة علمية ليكتفي في تحصيل الموافق فيها على مجرّد توفر الدليل واقتضائه لتلك الفتوى.
الوجه الثالث ـ استقراء الأوضاع الاجتماعية المتعددة في مجتمعات مختلفة وبعد ملاحظة تطابقها على شيء واحد يعمم الحكم على جميع المجتمعات العقلائية حتى المعاصرة لعهد المعصومين عليهمالسلام.
وهذا الوجه أيضا لا يتمّ في جملة من الأحيان لأنَّنا بهذا الاستقراء نلاحظ المجتمعات المعاصرة بينما يراد التعميم إلى مجتمع يفصلنا عنه زمان طويل بما كان يحتويه من أحداث وظروف ووقائع ومثل هذا التعميم متعذّر بحسب قواعد حساب الاحتمالات غالباً لأنَّ التعميم انَّما يصحّ فيما إِذا لم تحتمل نكتة وخصوصيّة في حالة معيّنة تميزها عن غيرها من الحالات وهذا الاحتمال ثابت هنا بعد أَنْ علم إجمالاً بتغير الأوضاع الاجتماعية في الجملة عمّا كانت عليه في الأزمنة السابقة وعدم ثباتها جميعاً على ما كانت عليه نتيجة طرو عوامل مختلفة يحتمل تحقق بعضها بالنسبة إلى تلك السيرة.
الوجه الرابع ـ انَّ المسألة التي يراد إثبات السيرة فيها إِذا كانت من المسائل الداخلة في ابتلاء الناس بها كثيراً وكان السلوك الّذي يراد إثباته وانعقاد السيرة عليه نحو سلوك لا يكون خلافه من الواضحات لدى الناس والمتشرعة مع عدم تكثر السؤال والجواب عنها على مستوى الروايات والأدلة الشرعية فانَّه في مثل ذلك يستكشف انَّ ذلك السلوك كان ثابتاً في زمان المعصوم عليهالسلام أيضا وإِلاَّ لزم امَّا أَنْ يكثر السؤال عنه أو يكون خلافه من الواضحات عند الناس عادة وكلاهما خلف ، مثلاً إِذا فرض انعقاد السيرة على العمل بخبر الثقة الأمر الّذي ليس عدمه من الواضحات بحسب الطباع العقلائية مع كون المسألة محلاً للابتلاء كثيراً ولم ترد في الأدلة والنصوص الصادرة عنهم ما يمنع عن العمل بخبر الثقة بل فيها ما تؤكد العمل به كان ذلك دليلاً على أنَّ هذا السلوك كان متبعاً في تلك الأزمنة أيضا.