( ما فضل ) فـ ( يكون موقوفا ) لاحتمال رجوع البائع إلى تصديق المشتري ، ومع اليأس يجري فيه البحث السابق الذي عرفته في تكذيب المقر له ، كما أنك قد عرفت جملة من الكلام في هذه المسألة وفروعها في كتاب العتق (١).
لكن في الدروس هنا إشكال المقاصة بأنه دفع مالا متبرعا به ، فإذا استهلك مع التسليط فلا ضمان ، وزاد في المسالك بأنه إنما افتدى متقربا إلى الله تعالى باستنقاذ حر ، فيكون سبيله سبيل الصدقات ، والصدقات لا يرجع فيها.
وفي الدروس « وقد يجاب بأن مثل هذا الدفع مرغب فيه للاستنقاذ ، ويكون ذلك مضمونا على القابض لظلمة » وزاد في المسالك بأن « المبذول على وجه الفدية لا يمنع من الرجوع فيه ، لأنه ليس تبرعا محضا ، والقربة لا تنافي ثبوت العوض ، كما لو فدى أسيرا في بلد المشركين ثم استولى المسلمون على بلادهم ، ووجد الباذل عين ماله ، فله أخذه ».
قلت : قد عرفت في كتاب البيع (٢) أن من اشترى مغصوبا عالما بغصبه وتلف الثمن في يد البائع لم يكن له الرجوع عليه لتسليطه عليه ، وقد ذكرنا ما عندنا في ذلك هناك ، إلا أن المقام ليس منه ، وذلك لأن المدفوع هنا إنما كان لقطع علقة المالك في ظاهر الشرع ، وليس المراد تسليطه على ما دفعه إليه عوض تسليطه على المغصوب على نحو شراء المملوك من مالكه ، فلا تسليط منه له على ما دفعه إليه على كل حال.
ومع فرضه ليس له الرجوع مع التلف كالمغصوب ، بل قد يتوقف في أصل المقاصة مع فرض جهل البائع بما ادعاه المشتري ، والفرض تلف العين في يده ، وقد كان بوجه شرعي ظاهري يخرجه عن الظلم وإن كان هو محتملا باعتبار عموم « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (٣) ونحوه مما يقتضي الضمان ، ولا ينافيه الحكم ظاهرا
_________________
(١) راجع ج ٣٤.
(٢) راجع ج ٢٢ ص ٣٠٥ الى ٣٠٩.
(٣) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٥.