فإنه حلف أن لا ينكح أبدا ـ إلى أن قال ـ : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله ونادى الصلاة جامعة ، وصعد المنبر وحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات؟! ألا أني أنام الليل وأنكح وأفطر في النهار ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ، فقام هؤلاء ، فقالوا : يا رسول الله فقد حلفنا على ذلك؟ فأنزل الله تعالى ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ) (١) » ومن هنا قلنا : إن تفسيرها بمطلق غير المؤاخذ بها أولى.
و ( منها ) يمين الغموس ، وهي على ما في التنقيح الحلف على الماضي والحال مع تعمد الكذب ، وسميت غموسا لأنها تغمس الحالف في الإثم أو في النار ، وفي بعض الروايات انها من الكبائر ، وفي بعض أنها تدع الديار بلاقع.
قلت في مرسل ابن حديد (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام « الأيمان ثلاث : يمين ليس فيها كفارة ، ويمين فيها كفارة ، ويمين غموس توجب النار ، فاليمين التي ليس فيها كفارة : الرجل يحلف على باب بر أن لا يفعله ، فكفارته أن يفعله ، واليمين التي تجب فيها الكفارة : الرجل يحلف على باب معصية أن لا يفعله فيفعله ، فتجب عليه الكفارة ، واليمين الغموس التي توجب النار : الرجل يحلف على حق امرئ مسلم على حبس ماله ».
وفي مرسل الصدوق ره (٣) عن الصادق عليهالسلام « اليمين على وجهين ـ إلى أن قال ـ : وأما التي عقوبتها دخول النار فهو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حبس ماله » إلى غير ذلك من النصوص.
وعلى كل حال فلا كفارة فيها ، لعدم العقد القابل للحل فيها ، لأنها على
_________________
(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٨٩.
(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الايمان الحديث ١.
(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الايمان الحديث ٣ وفيه « على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما » كما في الفقيه ج ٣ ص ٢٣١ الرقم ١٠٩٤.