كتعقب الإقرار بالمنافي ، فيلغو الاستثناء ويلزم الإقرار ، خلافا لمن عرفت ممن قال بدخوله فيه موقفا له عليها ، لأصالة براءة الذمة ، لكنه واضح الضعف ، ضرورة كون الإقرار إخبارا وقد عرفت عدم قابليته للتعليق ، فهو أولى بالجزم من الطلاق والعتق ، فمن الغريب تردد المصنف فيه وجزمه بالأولين ، والله العالم.
( والحروف التي يقسم بها ) بشهادة أهل اللسان ثلاثة : وهي ( الباء والواو والتاء ) بل قيل : إن أصلها الباء التي تدخل على الظاهر والمضمر بخلافهما وتليها الواو التي تدخل على الأسماء الظاهرة جميعها بخلاف التاء المختصة بالقسم بلفظ الجلالة ، كقوله تعالى (١) ( تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ ) و ( تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ ) (٢) نعم ربما قيل : « ترب الكعبة » و « تالرحمن » لكنه نادر.
وعلى كل حال فلا شبهة في انعقاد القسم بقوله : « بالله لأفعلن » مع إرادته.
بل في المسالك « يحمل عليه عند الإطلاق ، لاشتهار الصيغة في الحلف شرعا وعرفا ولو قال : لم أرد به اليمين ، وإنما أردت وفقت بالله أو اعتصمت به أو أستعين أو أومن ثم ابتدأت لأفعلن فوجهان أظهرهما القبول إذا لم يتعلق به حق آدمي ، كما لو ادعى عدم القصد ، وهذا بخلاف ما لو أتى بالتاء أو الواو » قلت :
هو لا يخلو من نظر لا يخفى عليك بعد الإحاطة بما أسلفناه في مسألة دعوى عدم القصد ، بل لعل كلامه هنا لا يخلو من منافاة لكلامه السابق في الجملة ، بل يمكن النظر أيضا فيما يظهر منه من التفصيل بين حق آدمي وغيره باعتبار أن القسم وإن تعلق بآدمى فهو حق لله في عنقه تجب عليه الكفارة مع عدم فعله ، لا أنه يتعلق به حق المطالبة والمقاصة ونحوها ، مع احتماله كما تسمعه في النذر إنشاء الله.
( وكذا ) ينعقد اليمين ( لو خفض ونوى القسم من دون النطق بـ ) أحد
_________________
(١) سورة يوسف : ١٢ ـ الآية ٨٥.
(٢) سورة الأنبياء : ٢١ ـ الآية ٥٧.