المسألة ( الثالثة عشرة : )
( لو قال : لا شربت لك ماء من عطش فهو حقيقة في تحريم الماء ) في حال العطش إلا أنه قد يراد منه عرفا عدم التناول من مائه شيئا وإن قل ، وفي المسالك « فاللفظ حينئذ خاص والسبب عام عكس المسألة الأصولية ، وهي عموم اللفظ مع خصوص السبب » وفيه أن المقام خارج عن ذلك ، ضرورة كون المراد الكناية بذلك عن الأعم منه ، وليس هذا من عموم السبب.
( و ) على كل حال ففي المتن ( هل يتعدى إلى الطعام ) وغيره؟ ( قيل : نعم عرفا ) وفي المسالك « فيكون من باب تعارض اللغة والعرف أو الحقيقة المتروكة والمجاز الغالب ، وهو حسن مع انضباط العرف أو دلالة القرائن إليه ، وإلا تمسك بالحقيقة لأصالة البراءة فيما زاد عليها ، ولأن إرادة العام من اللفظ الخاص ليس من أفراد المجاز المستعملة اصطلاحا ، فكيف يحمل عليه عند الاشتباه ، وإنما غايته أن يحمل عليه مع قصده أو ظهور القرائن بإرادته ».
وفيه مالا يخفى ، ضرورة ظهور كلامه في المفروغية من دلالته عرفا على ذلك حتى يكون من التعارض الذي ذكره ، ودعوى عدم كونه من أفراد المجاز المستعملة واضحة المنع ، إذ هو باب كثير « نحو لا تعطه فلسا » ولا تقبل منه ترابا ، بل لعل مفهوم الموافقة نحو قوله ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) (١) منه ، بل لعله من قسم الكناية التي يمكن دعوى كونها من الحقيقة فضلا عن المجاز فتأمل.
( وقيل : لا ) يتعدى منه إلى غيره ( تمسكا بالحقيقة ) لأن الإيمان تبنى على الألفاظ لا على القصود التي لا يحتملها اللفظ ولم تستعمل لغة فيها ، كما إذا حلف على الصلاة وقال : أردت الصوم ، فإنه لا يقبل اتفاقا ، وفيه ـ بعد التسليم ـ منع واضح ، ضرورة أنه لا مجال عن القول بالتعدية مع فرض القصد ، لأنه من
_________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ ـ الآية ٢٣.