وفي المسالك بعد أن أرسل اعتبار الملك في الإطعام والكسوة والعتق إرسال المسلمات قال : « هذا إذا لم يأذن له المول أو نهاه ، وإن أذن له بتكفير بالعتق أو الإطعام أو الكسوة ففي إجزائه قولان ، منشأهما أنه كفر بما لا يجب عليه ، فلا يسقط عنه الواجب ، سواء قلنا بملكه أو أحلناه خصوصا العتق ، لأنه لا عتق إلا في ملك ، نعم لو ملكه مولاه المال وقلنا بصحته اتجهت ، ومن أن المانع من الاجزاء كان عدم القدرة ، فإذا أذن المولى حصلت وجرى مجرى ما لو كفر المتبرع عن المعسر ، وقد تقدم البحث في ذلك في الكتابة ».
قلت : قد اخترنا هناك الصحة ، لإطلاق الأدلة ، إلا أن ذلك لا يقتضي الصحة في غيره ، لاحتمال الفرق بينهما بالملك فيه وإن لم يجز له التصرف فيه بغير التكسب ، فمع فرض رفع الحجر عنه الاذن يندرج في إطلاق الأدلة أما غيره فلا أهلية له للملك.
نعم لو قلنا بعدم اعتبار الملك اتجهت بالصحة حينئذ لإطلاق الأدلة أيضا ولعله لا يخلو من قوة ، خصوصا بناء على إجزاء المتبرع عن المعسر ، إذ هو لا ينقص عنه من هذه الجهة ، فلا يعتبر الملك حينئذ حتى في العتق الذي قد ورد فيه (١) « لا عتق إلا في ملك » لكن قد ذكرنا في محله (٢) أن المراد منه عدم صحة عتق ملك الغير بغير إذنه ، لا أنه لا يصح عتقه عن كفارة الغير باذن مالكه ، وقد ذكرنا بعض النصوص (٣) الدالة على ذلك.
ولا يقال عدم الاجزاء في العبد لأن فرضه الصوم ، فلا يجزئ عنه غيره ، لأن تعين الصوم إنما هو لعدم قدرته على غيره ، فمع فرض الاذن وعدم اعتبار الملك يصير قادرا على غيره ، ويندرج في إطلاق الأدلة ، بل لا فرق بين المولى وغيره في ذلك.
نعم لا بد من إذن العبد إذا نوى الكفارة عنه غيره حتى يكون وكيلا بذلك ،
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب العتق الحديث ٢ وفيه « لا عتق الا بعد ملك ».
(٢) راجع ج ٣٤ ص ١٤٧ ـ المسألة العاشرة.
(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق الحديث ٢.