إذ الظاهر بناء على العمل بالرواية الاقتصار على مضمونها الذي هو رزق الولد وإدراك الغلام ، ولا يتعدى منهما إلى غيرهما ، ومن هنا عبر الأصحاب بذلك ، ولم يجعلوا العنوان أمرا كليا شاملا له ولغيره ، وبذلك ظهر لك النظر فيما في الرياض والمسالك وغيرهما.
وعلى كل حال فمقتضى الصيغة المزبورة تخير الناذر بين الحج بالولد وبين الاستنابة عنه ، فان اختار الثاني نوى النائب الحج عن الولد عملا بمقتضى النذر وإن كان الولد صغيرا ، وإن أحج الولد نوى الولد عن نفسه إن كان مميزا ، وإلا حج على نحو الحج بغيره من الأطفال الذي مر في كتاب الحج كيفيته (١).
ولو أخر الأب الفعل إلى أن بلغ الولد فان اختار الحج عنه لم يجزه عن حجة الإسلام ، وإن أحجه أجزأه ، لأن ذلك بمنزلة الاستطاعة بالبذل المنذور.
ولو مات الأب أخرج ذلك من تركته على حسب ما عرفت من اعتبار حصول شرط النذر أو مع التمكن من المنذور أو مطلقا على المختار ، ولكن تخير الوصي بين الأمرين كالأب ، ولو اختلف الأجرة اقتصر على أقلهما كما في الكفارة المخبرة إن لم يتبرع الوارث بالأزيد ، ولا ينافي ذلك ما يظهر من الخبر المفروض فيه أمر الولد بالحج عنه بما ترك أبوه المحتمل أنه الفرد المعتبر إخراجه أو انحصار الإرث في الابن ورضاه أو غير ذلك.
ولو فرض اختيار الولد الحج عن نفسه بالمال صح أيضا وأجزأه على تقدير استطاعته عن فرضه ، لأن متعلق النذر حجه بالمال عن نفسه ، وذلك لا ينافي كونه حجة الإسلام.
ولو مات الولد قبل أن يفعل أحد الأمرين بقي الفرد الآخر وهو الحج عنه ، سواء كان موته قبل تمكنه من الحج بنفسه أم لا ، لأن النذر ليس منحصرا في حجه حتى يعتبر تمكنه في وجوبه ، وفي المسالك « نعم لو كان موته قبل تمكن الأب من أحد الأمرين احتمل السقوط ، لفوات متعلق النذر قبل التمكن منه ، لأنه
_________________
(١) راجع ج ١٧ ص ٢٣٦ و ٢٣٧.