من الاعتبارات التي لا تنافي ثبوت القضاء بالأمر الجديد ، واختصاص النصوص الثلاث بمن عدا الحائض والنفساء غير قادح بعد الإجماع على عدم القول بالفصل ، وتمام الكلام قد ذكرناه في كتاب الصوم (١) فلاحظ وتأمل.
( ولو وجب على ناذر ذلك صوم شهرين متتابعين في كفارة ) مرتبة ( قال الشيخ : صام في الشهر الأول من الأيام عن الكفارة تحصيلا للتتابع ، فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيام عن النذر لسقوط التتابع ) وحاصله تقديم خطاب الكفارة على خطاب النذر ، من غير فرق بين تقدمه عليه وتأخره عنه ، ولعله لإمكان تدارك النذر بالقضاء بخلاف الكفارة.
( وقال بعض المتأخرين ) وهو ابن إدريس ( يسقط التكليف بالصوم لعدم إمكان التتابع وينتقل الفرض إلى الإطعام ) وحاصله تقديم خطاب النذر على خطاب الكفارة ، فيقتضي سقوط الصوم ، لتعذر التتابع الذي هو شرط فيه ، إذ المشروط عدم عند عدم شرطه ، ولم يثبت من الشارع كون ذلك عذرا لا يقدح في التتابع ، ولا يقاس على إفطار الحائض والنفساء ونحوهما مما ثبت من الأدلة عدم انقطاع التتابع فيه.
( و ) لكن مع ذلك قال المصنف ( ليس ) هذا القول ( شيئا ) موافقا للأدلة الشرعية ( و ) إنما ( الوجه صيام ذلك اليوم وإن تكرر عن النذر ، ثم لا يسقط به التتابع لا في الشهر الأول ولا في ) الشهر ( الأخير لأنه عذر لا يمكن الاحتزاز منه ويتساوى في ذلك تقدم وجوب التكفير على النذر وتأخره ) لاشتراكهما في المقتضي ، وهو تعيين اليوم للصوم المنذور بالنذر ، والمستفاد من الأدلة جواز إيقاعه في كل حين ، وسبق الكفارة لا ينافي انعقاده ، وصيرورته عذرا غير قاطع للتتابع.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه من عدم ما يدل على
_________________
(١) راجع ج ١٦ ص ٣٢٤ الى ٣٢٧.