العمل هي ، ضرورة كون الواقع خلافه ، وحينئذ فهو دال على مغايرة النية للعمل.
وكون الباء للسببية لا يدل على أزيد مما ذكرناه من اشتراط النية في صحة العمل شرعا ، بل كونها سببا في ذلك مبالغة في شدة اعتبارها ، على أن السبب قد يكون تاما وقد يكون ناقصا ، ومطلقه أعم من التام ، بل الواقع في الأعمال المعتبرة شرعا ذلك ، لأن النية لا تكفي في صحتها من غير انضمام باقي ما يعتبر فيها.
ودعوى انحصار الغرض من اللفظ في الإعلام ممنوعة ، إذ يمكن التعبد بذلك ، بل هو مقتضي قوله عليهالسلام (١) : « إنما يحرم الكلام ويحلل الكلام »
والآية (٢) لا دلالة فيها على الانعقاد بالنية.
كل ذلك مضافا إلى النصوص المستفيضة (٣) الدالة على أن النذر ليس بشيء حتى يقول كذا ، وفيها الصحيح وغيره ، وإن نوقش في الاستدلال بها باحتمال كون المراد بها اشتراط قصد القربة خاصة لا اشتراط الصيغة ، بل قد يظهر ذلك من سياقها ، وإنما ذكر التلفظ والتسمية تبعا للنذور الغالبة ، إلا أنه كما ترى لا ينافي ظهورها في اعتبار القول.
( و ) لعله لذا وغيره قال المصنف وفاقا للمحكي عن الإسكافي وابن إدريس وأكثر المتأخرين ( الوجه أنهما لا ينعقدان إلا بالنطق ) مضافا إلى أصالة عدم ترتب حكمهما على غير ذلك ، وكونهما من الأسباب التي لا يكفي فيها مجرد القصد وغير ذلك ، وهو الأقوى.
نعم لو قيل بصدق العهد لغة وشرعا وعرفا على الإنشاء الضميري قوي القول بالانعقاد للعمومات ، ولعله لذا قواه في كشف اللثام فارقا بينه وبين النذر باعتبار
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام العقود الحديث ٤ من كتاب التجارة وفيه « انما يحل الكلام ويحرم الكلام ».
(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٨٤.
(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب النذر والعهد.
وبهذا أكملنا تعاليقنا على الجزء ٣٥ من جواهر الكلام بجوار مولانا أمير المؤمنين