فيقول : « نعم » وبين أن يقول : « اشتر هذا العبد » فيقول : « نعم » لظهور الأول في الإقرار بالملكية بخلاف الثاني ، فإنه ظاهر في ملكية البيع لا المبيع. بل عن بعض الجزم بعدم كونه إقرارا بالملكية ، ولا أقل من الشك ، والأصل العدم.
( ولو قال : « أليس لي عليك كذا » فقال : « بلى » كان إقرارا ) بلا خلاف ولا إشكال ، لأن « بلى » أصلها « بل » زيدت عليها الألف ، فهي رد لقوله : « ليس عليك » الذي دخل عليه حروف الاستفهام ونفى له ، ونفي النفي إثبات ، فيكون إقرارا ، وهذا معنى قوله في المسالك : « إن « بلى » مختصة بالنفي لغة ومبطلة له ، سواء كان مجردا ، نحو ( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ : بَلى وَرَبِّي ) (١) أم مقرونا بالاستفهام حقيقة ، نحو « أليس زيد بقائم » فتقول « بلى » أو تقريرا نحو ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟ قالُوا : بَلى ) (٢) ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا : بَلى ) (٣) إجراء للنفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى ، ولذا حكي عن ابن عباس (٤) بل في غاية المراد حكايته عن إطباق العلماء والمفسرين أنه لو قالوا : نعم كفروا » ولعله لأن « نعم » تصديق للخبر نفيا كان أو إثباتا.
( و ) من هنا قال غير واحد في المفروض ( لو قال : « نعم » لم يكن إقرارا ) بل نسب إلى الشيخ وأكثر الأصحاب ، كما عن الإيضاح وغيره وإن كنا لم نتحققه ، بل عن الشيخ أيضا نسبته إلى الفقهاء ، لأنه حينئذ تصديق للنفي لا إثبات للخبر وإبطال للنفي ، كما سمعته في « بلى ».
( و ) لكن مع ذلك ( فيه تردد من حيث يستعمل فيه الأمران ) أي « نعم » و « بلى » في ذلك ( استعمالا ظاهرا ) في العرف الذي هو مقدم على اللغة ،
_________________
(١) سورة التغابن : ٦٤ ـ الآية ٧.
(٢) سورة الملك : ٦٧ ـ الآية ٨ و ٩.
(٣) سورة الأعراف : ٧ ـ الآية ١٧٢.
(٤) تفسير روح المعاني ج ٩ ص ١٠١.