لكن لا يكاد ينكر تبادر الإقرار من مثله عرفا ، ولا ينافيه صحة قوله : « لا أنكره ولا أقر به » لغة وعرفا ، إذ الكلام في قول : « لست منكرا له » نعم صرح غير واحد بعدم كونه إقرارا لو اقتصر على قوله : « لست منكرا » من دون ضم « له » مع أنه لا يخلو من إشكال ، كالإشكال فيما حكي عن التذكرة من أنه لو قال : « لا أنكر أن تكون محقا » لم يكن إقرارا ، لجواز أن يريد في شيء آخر فتأمل.
بل لولا فتوى المصنف ومن تأخر عنه في ما لو اقتصر على قول « أنا مقر » بأنه لم يكن إقرارا لأمكن الإشكال فيه بظهوره عرفا في مقام الجواب في الإقرار ، خصوصا بعد قوله تعالى (١) ( أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي؟ قالُوا : ( أَقْرَرْنا ) وقوله (٢) ( فَاشْهَدُوا ) وإن كان في نفسه محتملا للإقرار بغير ذلك.
( ولو قال : اشتريت مني أو استوهبت مني فقال : نعم فهو إقرار ) بالشراء منه أو الهبة كذلك ، فيترتب على كل منهما حكمه من المطالبة بالثمن ، وكونه ملكا بالأصل للبائع والواهب ، وجواز الرجوع لو كان في البيع خيار ، أو كان يجوز الرجوع بالهبة أو ظهر بطلانهما أو غير ذلك.
ولو قال : « اشتر مني أو اتهب » فقال : « نعم » فهو إقرار على ما صرح به الفاضل والكركي وثاني الشهيدين وغيرهم وظاهرهم إنه إقرار بالملكية ، لأن وعده بالشراء منه يقتضي ذلك ، إذ البيع الصحيح لا يصدر عن غير مالك ، لكن قد يشكل ذلك كله بأنه أعم من الاعتراف له بالملكية له ، ضرورة احتمال التوكيل وغيره ، ودعوى أن إقراره بذلك يقتضي الإقرار باليد المقتضية للملكية مع أن الأصل عدم التوكيل كما ترى.
ولعله لذا فرق في محكي التذكرة بين أن يقول : « اشتر مني عبدي هذا »
_________________
(١) سورة آل عمران : ٣ ـ الآية ٨١.
(٢) سورة آل عمران : ٣ ـ الآية ٨١.