العربي ( كان إقرارا بالعشرة ) لأنه ليس استثناء حينئذ وإلا لنصب ، فلا بد من حمل « إلا » فيه على معنى غير التي يوصف بها وبما بعدها ما قبلها ، ولما كانت العشرة مرفوعة بالابتداء كان الدرهم صفة للمرفوع فارتفع ، وكان المعنى عشرة موصوفة بكونها غير درهم ، وحينئذ فقد وصف المقر به ولم يستثن منه شيئا ، وأقصاها أنها صفة مؤكدة صالحة للإسقاط ، إذ كل عشرة هي درهم نحو نفخة واحدة ، كما هو واضح.
( ولو قال : « ماله عندي شيء إلا درهم » كان إقرارا بدرهم ) لأنه نفي كل شيء وأثبت الدرهم بالاستثناء الذي هو من النفي إثبات. ( وكذا لو قال : ) ( ماله عندي عشرة إلا درهم ) بالرفع الدال على أنه استثناء من المنفي التام ( كان إقرارا بدرهم ) فيكون إثباتا ( و ) أما ( لو قال : إلا درهما ) بالنصب ( لم يكن إقرارا بشيء ) على المشهور كما في المسالك. قيل : لا لأن النصب غير جائز فيه حتى يكون قرينة على جعله استثناء من الموجب بجعل النفي داخلا على المستثنى والمستثنى منه ، فكأنه قال : « المقدار الذي هو عشرة إلا درهما ليس له علي » ، أى التسعة ليس له علي ، فلا يكون إقرارا بشيء ، لأن اتفاق النحاة على جواز النصب والرفع فيه وإن كان الثاني أكثر ، بل لكونه محتملا لذلك وللاستثناء المقتضي للإقرار بدرهم للقاعدة المزبورة ، ولا ريب أن الأصل البراءة.
وفيه منع العبرة بمثل الاحتمال المزبور بعد أن كان اللفظ ظاهرا في الاستثناء وإلا لانسد باب الإقرار ، بل يشك في أصل جوازه ، ضرورة عدم الاستثناء فيه حقيقة كي يتجه نصبه حينئذ عليه. لأنه الإخراج من الحكم لا من نفس العدد ، بل هو أشبه شيء بالتوصيف الذي هو ممنوع هنا للنصب.
واحتمال ذكره على الحكاية في جواب من قال : « لي عليك عشرة إلا درهما » لا يتم في الفرض الذي هو ابتداء كلام ، كاحتمال خروجه من النسبة الإيجابية التي تسلط عليها السلب ، ضرورة أن السالب ليس له إلا حكم واحد وهو السلب ، كما هو واضح. فلا صحة له إلا على تقدير وتكلف لا يخرج به عن حقيقة الكلام ،