وتفسير القدرة في المشهور : ـ بكون الفاعل بحيث إن شاء فعل ، وان لم يشأ لم يفعل ـ تفسير لها بعنوان يعمّ أقسامها ، ويعمّ قدرة الواجب والممكن ، فإن الحيثية المصحّحة للمشيّة في الواجب ذاته تعالى ، وفي الممكن قوّته النفسانية تارة ، وقوّته العضلانية (١) اخرى.
ومن الواضح : أنّ الأفعال التوليدية والتسبيبية ليست من الامور النفسانية ، ولا من الحركات المترتّبة على العضلات ، فلا معنى لتعلّق القدرة بها بنفسها.
نعم ـ إرادتها ـ بمعنى الشوق المنبعث عنه الإرادة الحتمية المتعلّقة بسببه (٢) ، نظير الشوق التشريعي المنبعث عنه إرادة البعث الجدّي ـ مقدور عليها (٣) للقدرة
__________________
ومنها : عدم صدوره عن قوة منبثّة في العضلات ، وقد وجّهنا تعلّق التكليف به مع الالتزام بعدم انبعاثه عن القدرة بهذا المعنى.
ومنها : أنّ المسبّب التوليدي مع وجود سببه واجب الصدور ، ومع عدمه ممتنع الصدور ، وشيء منهما غير ممكن الصدور ؛ ليكون التكليف به تكليفا بالمقدور دون غيره من المقدّمات ، فإنه مع وجودها يكون المشروط بها على حاله من كونه تحت اختيار الفاعل.
ويندفع : بأنّ التكليف لم يتعلّق بالمسبّب مقيّدا بوجود سببه ولا مقيّدا بعدمه ؛ حتى يكون تارة واجبا ، واخرى ممتنعا ، بل بذاته الممكنة ، فيجب بإيجاد مقدّمته اختيارا ، ويمتنع بعدمه كذلك. [ منه قدّس سرّه ].
(١) نسبة إلى العضل على غير القياس ، والقياس عضليّ.
(٢) كذا في الأصل ، والصحيح : ( بسببها ) لعود الضمير على الأفعال التوليدية.
(٣) الضمير في ( عليها ) وكذا في ( إرادتها ) ـ التي مرت في أول العبارة ـ يعود على الأفعال التوليدية ـ كالإحراق ـ وكذا الضمير في ( سببها ) ، والسبب هو كالالقاء بالنسبة للإحراق ، ولا شبهة بترتّب الإلقاء على حركة العضلات الإرادية ، فأسباب الأفعال التوليدية مقدور عليها ، وعليه فنفس الأفعال التوليدية مقدور عليها للقدرة على أسبابها. هذا هو المراد بقوله : ( نعم إرادتها ... مقدور عليها للقدرة ... ). واما عود ضمير ( عليها ) على ( إرادتها ) فهو غير مستقيم ،