وأمّا استقلال المانع في العلّية لعدم الضدّ بالتبع فهو لازم انحصار علّة العدم ـ تقريبا ـ في وجود المانع ، وانحصاره اتفاقي لفرض وجود المقتضي وانقلاب عدمه الذي هو اسبق العلل إلى الوجود. والالتزام باستناد عدم الضدّ إلى وجود المانع من باب المسامحة والمماشاة ، وإلاّ فعدم المعلول بعدم مقتضيه أو عدم شرطه ، وقد عرفت شرطية عدم المانع سابقا (١) فوجود المانع مساوق لعدم الشرط الذي يستند إليه عدم المعلول.
هذا هو القول الكلي في استناد عدم المقتضي إلى وجود المانع عند وجود مقتضيه وسببه.
وأما فيما نحن فيه ، وهو استناد عدم الضدّ إلى وجود ضدّه المفروض كونه ؛ لئلا يلزم الخلف ، فنقول :
المفروض أنّ وجود الضدّ صالح للمانعية عن وجود ضدّه ، وهذه المانعية لمكان الضدّية ، وهي ذاتية ، لا من ناحية وجود المقتضي لضدّه ، وإنما لم تكن المانعية فعلية ليستند إليه (٢) عدم ضدّه ؛ لأنّ من شرط تأثير شيء في شيء ـ وجوديا كان أو عدميّا ـ عدم تأثير علّة سابقة ؛ لعدم قابلية المحلّ لتأثير مؤثّر آخر ، ومع عدم المقتضي للضدّ ـ حيث إنه اسبق العلل ـ يستند إليه عدم الضدّ ، ولا مجال لتأثير المانع ـ وهو وجود الضدّ ـ في عدم ضدّه لفقد شرطه ، ومع انقلاب العلّة السابقة إلى نقيضها يتحقّق شرط التأثير ، وهو عدم العلّة السابقة ، فوجود المقتضي ليس بنفسه شرطا لفعلية التأثير ، بل عدم عدمه ، وهو ملازم لوجوده ، لا عينه ، فلا تكون فعلية المانعية مترتّبة على وجوده ، بل على ملازمه
فإن قلت : قد برهن عليه في محلّه (٣) : أنه لا يعقل عقد القضية الشرطية
__________________
(١) راجع التعليقة ١٠٦ من هذا الجزء عند قوله : ( ومما ذكرنا ظهر صحّة ما اشتهر ... ).
(٢) كذا في الأصل ، والصحيح : ليستند إليها ..
(٣) الأسفار : ١ : ١٨٨ ـ ١٩٠ من الفصل العاشر في خواص الممكن بالذات من المنهج الثاني.