منه ولا مناص عنه ، ومع ذلك ما لم يبلغ الشوق حدّه المحرّك للعضلات لم يتحقّق المراد ، فليس المراد اللزومي مما لا بدّ في إرادته [ من ] مرتبة فوق مرتبة إرادة المراد الغير اللزومي ؛ بحيث لو لم يبلغ تلك المرتبة لم يتحقق المراد ، وإنما التفاوت في الغرض الداعي من حيث كونه لزوميا أو غير لزومي ، بل الشوق الطبعي ربما يكون أشدّ من الشوق العقلي لموافقة المراد في الأول لهواه دون الثاني ، مع عدم اللابدّية حتى من حيث الهوى في الاوّل ، وثبوت اللابدّية العقلية في الثاني.
فاذا كان الأمر كذلك في الإرادة التكوينية ، فكذا الإرادة التشريعية ؛ إذ لا فرق بينهما إلاّ من حيث تعلّق الاولى بفعل نفسه ، وتعلّق الثانية بفعل غيره ، فالشوق إلى فعل الغير اذا بلغ حدّا ينبعث منه البعث كان إرادة تشريعية سواء كان المشتاق إليه ذا مصلحة ملزمة ، أم لا.
وليس الغرض من هذا البيان أن الإرادة ليست ذات مراتب ؛ لبداهة كونها ذات مراتب كسائر الكيفيات النفسانية ، بل الغرض أنّ التحريك الناشئ من الإرادة ـ فيما لا بدّ منه وفي غيره ـ لا يختلفان من هذه الحيثية وإن اختلفا في نفسهما لشدّة موافقة المراد للغرض ، فإنّ المرتبة الضعيفة إذا كانت قابلة لتحريك العضلات فلا محالة لا حالة منتظرة لحركتها ، فلا معنى لتوقّفها على بلوغها فوق هذه المرتبة وإلاّ لزم الخلف ، فكذا الحال في الإرادة التشريعية.
والتحقيق : أن المراد اللزومي وغيره يختلفان من حيث شدّة الملاءمة للطبع وعدمها ، فلا محالة ينبعث منهما شوقان متفاوتان بالشدّة والضعف.
فكذا في الإرادة التشريعية ، فيكون الشوق المتعلّق بما فيه مصلحة لزومية أشدّ ؛ حيث إن ملاءمته لطبع المولى أقوى ، وإن كان بلوغه دون هذه المرتبة كافيا في الحركة والتحريك في التكويني والتشريعي.
ثم اعلم : أنه لا فرق ـ في عدم الدلالة بنحو التضمّن ـ بين القول بأن