...........................................
__________________
لا من قبيل إنشائه.
والجواب : أن إنشاء الحكم ليس عين جعل الحكم حقيقة ، فإنّ للبعث ـ مثلا ـ نحوين من الوجود : فتارة يوجد بوجوده الإنشائي الذي تمام حقيقته إيجاد المعنى بإيجاد لفظي عرضي ، فإنه نحو من أنحاء استعمال اللفظ في المعنى ، واخرى يوجد بوجوده الحقيقي المناسب له في نظام الوجود ، وهو المعنى الاعتباري الذي ينتزع من الانشاء بداعي جعل الداعي ، وبينهما فرق ـ كما بين الموجود بالحمل الأوّلي ، والموجود بالحمل الشائع ـ فالأدلّة متكفّلة لإنشاء (أ) الحكم على تقدير كذا ، والإنشاء والمنشأ موجودان كالإيجاد والوجود من دون انفكاك ، وحيث إنّ هذا الإنشاء متضمّن لتعليق ذلك الأمر الاعتباري الذي هو حقيقة الحكم ، فلا محالة لا يكون تامّ المنشئيّة إلاّ بعد تحقّق المعلّق عليه ، فكما لا مجعول بالحقيقة كذلك لا جعل بالحقيقة ؛ لاستحالة الانفكاك. نعم حيث إنه جعل ذات المنشأ مع التعليق ، فيكون ذلك الأمر الانتزاعي مجعولا بجعله بالقوة قبل حصول المعلّق عليه ، وبالفعل [ بعد ] (ب) حصوله ، ولا حاجة إلى جعل آخر.
فان قلت : حقيقة الحكم اعتبار من الشارع تكليفا ووضعا ، والاعتبار خفيف المئونة ، فله اعتبار معنى عند تحقق موضوعه ، فالاعتبار الذي هو عين الجعل موجود فعلا ، والمعتبر أمر متأخّر ، فالجعل فيما لم يزل ، والمجعول فيما لا يزال.
قلت : كل هوية ـ كانت متأصّلة أو اعتبارية ـ لها نسبتان : نسبة إلى جاعلها ومن يقوم به ، ونسبة إلى قابلها وما تحلّ فيه ، والإيجاد بالاعتبار الأوّل ، والوجود بالاعتبار الثاني :
فإن اريد أنّ الإيجاد ـ الذي هو عين قيام الهوية الاعتبارية بالمعتبر ـ متحقّق فعلا ، والوجود ـ الذي هو وجود ذات المعنى ـ متحقّق في ظرفه ، فهو عين انفكاك الوجود عن الإيجاد المتحدين بالذات المختلفين بالاعتبار.
وإن اريد أنّ الإيجاد والوجود الاعتباري (ج) بالفعل ، لكن طرف ذلك الوجود الاعتباري متأخّر ، فهو اعتبار أمر متأخّر ، ففيه : أنّ التأخّر ليس من شئون المعنى والماهية ، حتى يمكن اعتبار المعنى بماله من الشأن والصفة ، بل التأخّر بلحاظ الوجود ، والمفروض أنّ المعنى المتأخّر لا وجود له إلاّ هذا الوجود الاعتباري ، فلا معنى لتأخّره بهذا النحو من الوجود ، مع كون
__________________
(أ) الصحيح : متكفّلة بإنشاء ..
(ب) في الأصل : عنه ..
(ج) الصحيح : الاعتباريين ...