لا يخفى عليك أنّ شخص الإرادة (١) المتعلّقة بالموقّت ـ بما هو ـ وشخص
__________________
(١) قولنا : ( لا يخفى عليك أن شخص الارادة ... الى آخره ).
توضيح المقام : أن المستصحب : إما شخص الحكم ، أو كلّي الحكم :
فإن كان شخص الحكم : فإن اريد بما هو متعلق بالموقّت ، فيستحيل بقاؤه بعد الوقت لزوال مقوّمه قطعا ، فلا يعقل التعبّد ببقائه.
وإن اريد بما هو متعلق بطبيعي الفعل ـ بأن يفرض لشخص الحكم تعلّقان بذات الموقّت وبما هو موقت ـ فهو محال في نفسه ؛ لأن الواحد يستحيل أن يتقوّم باثنين لاستلزامه وحدة الكثير ، أو كثرة الواحد ، وكلاهما خلف محال.
وإن كان المستصحب كلّي الحكم من باب استصحاب القسم الثالث من استصحاب الكلي فمجمل القول فيه : أن القسم الثالث له أقسام ثلاثة ؛ لأن المحتمل : إما حدوث فرد آخر مقارن للفرد المقطوع ، أو فرد مقارن لارتفاع الفرد المقطوع ، أو تبدل الحكم إلى مرتبة اخرى ، والكل هنا محال :
أما حدوث فرد مقارن لوجود الفرد المقطوع ، فلازمه تعلّق الحكم بذات الفعل ، وتعلّقه أيضا بالموقّت منه ، فيجتمع حكمان متماثلان في الفعل استقلالا وفي ضمن الموقّت.
وأما حدوث فرد مقارن لارتفاع الفرد الموجود ، فلأنّ الموضوع للفرد المقطوع هو الموقّت ـ بما هو ـ والفرد المحتمل حدوثه لم يتعلّق بالموقت ـ بما هو ـ حتى يكون كلّيّ الحكم في موضوع واحد متيقن الحدوث مشكوك البقاء ، كما في القسم الثاني من هذا القسم ، بل احتمال حكم آخر لموضوع آخر ، وهو ليس من الاستصحاب في شيء.
وأما تبدّل الحكم من مرتبة إلى مرتبة فللاشتداد ، والحركة من حدّ إلى حدّ إنما تتصوّر في موضوع واحد ، وأمّا وجود البياض لموضوع ووجوده لموضوع آخر ، فليس اشتدادا في حقيقة البياض ، فالاستصحاب بجميع أنحائه غير صحيح.
ويمكن أن يقال : أما استصحاب شخص الحكم ـ مع فرض تعلّقه بالموقّت ـ فيصح ؛ لأن الموضوع وإن كان بحسب الدليل ، بل بحكم العقل هو الموقّت ـ بما هو موقّت ـ إلاّ أنّ العبرة في الموضوع إنما هو بنظر العرف ، والعرف يرى أن الموضوع هو الفعل ، وأنّ الوقت من حالاته لا من مقوماته ، ولا قطع بخطاء نظر العرف إلاّ بلحاظ حال الاختيار دون العذر ، وإلاّ لم يكن معنى للشكّ والتكلّم في استصحاب الحكم ، مضافا إلى ما مرّ مرارا : من أنّ الخصوصية المأخوذة في الواجب : تارة تكون مقوّمة للمقتضي ، بحيث يكون الخاص واجبا ، واخرى تكون دخيلة في فعلية الغرض ، ومثلها يكون شرطا للواجب ، فعلى الأوّل يكون المقيّد ـ بما هو ـ واجبا نفسيا ،