اشتهر ـ من أنّ تحقّق الطبيعة بتحقّق فرد ، وانتفاءها بانتفاء جميع أفرادها ـ لا أصل له ؛ حيث لا مقابلة بين الطبيعة الملحوظة على نحو تتحقّق بتحقق فرد منها ، والطبيعة الملحوظة على نحو تنتفي بانتفاء جميع أفرادها.
نعم لازم الإطلاق بمقدّمات الحكمة حصول امتثال الأمر بفرد ، وعدم حصول امتثال النهي إلاّ بعدم جميع أفراد الطبيعة المنهيّ عنها ؛ لأنّ الباعث على الأمر وجود المصلحة المترتّبة على الفعل ، والواحد كأنه لا يزيد على وجود الطبيعة عرفا ، والباعث على النهي المفسدة المترتّبة على الفعل ، فتقتضي الزجر عن كلّ ما فيه المفسدة.
لا يقال : طلب الوجود بحيث لا يشذّ عنه وجود غير معقول ؛ لأنه غير مقدور ، بخلاف طلب العدم بحيث لا يشذّ عنه عدم ؛ فإنّ إبقاء العدم على حاله مقدور ، وهذا هو الفارق بين الأمر والنهي.
لانا نقول : العدم الذي يكون بديله مقدورا من المكلف هو المطلوب منه ، فيمكن طلب بديله أيضا ، فلا تغفل.
١٥٠ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ثمّ إنّه لا دلالة للنهي على إرادة الترك ... الخ ) (١).
لا يذهب عليك : أن إعدام الطبيعة إذا لوحظت متمايزة بالقياس إلى نقائضها ، ورتّب الحكم على كلّ واحد واحد ـ كما في العام الاستغراقي ـ لم يكن مانع من بقاء النهي على حاله بواسطة عصيانه في بعض متعلّقه ؛ لأنه في الحقيقة نواه متعدّدة.
وإذا لوحظت أعدام الطبيعة بنحو الوحدة في الكثرة ـ أي عدم الطبيعة بحيث لا يشذ عنه عدم ـ فالموضوع واحد ، وليس لموضوع واحد إلاّ حكم واحد ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٠ / ٣.