واما الإنشاء بداعي بيان الملاك وإظهار المقتضي ، فهو في الحقيقة إرشاد ، لا حكم مولوي يجوز اجتماعه مع غيره ، أو لا يجوز ، كما هو محلّ الكلام.
والإنشاء بداعي البعث الحقيقي بالإضافة إلى ذات الموضوع مهملا بالنسبة إلى العوارض ، وإن كان من البعث المولوي الفعلي ما لم يعرض عارض وربما يعبّر عنه بالحكم الطبيعي الذاتي ، كما يصحّ التعبير عنه بالاقتضائي بلحاظ وجود المقتضي له إثباتا بالنسبة إلى ذات الموضوع ، لكنه ليس من الحكم الاقتضائي المفيد هنا ؛ حيث إنه لما كان مهملا من حيث العوارض فلا دلالة له على ثبوت الملاك في جميع أفراد الموضوع لاحتمال دخل عدم العارض في ثبوت الملاك والمقتضي.
فالذي يمكن أن يقال : إن الإنشاء المذكور ليس لبيان الملاك والمقتضي ؛ ليكون إرشادا ، بل لبيان البعث الثابت بثبوت مقتضيه.
وبعبارة اخرى : الإنشاء المزبور إظهار للمقتضي الثابت بثبوت مقتضيه على الإطلاق ، فهو بعث اقتضائي حتى في صورة وجود المانع ، ومع عدمه يكون فعليا ، فهو حكم مولوي اقتضائي في حدّ ذاته ، ويصحّح الفعلية البعثية عند عدم المانع ، وهذا المعنى لو كان مطلقا لكان مفيدا لثبوت الملاك حتى في صورة الاجتماع ، وهو ـ أيضا ـ وان كان خلاف الظاهر من وجه ؛ حيث إن الظاهر من الإنشاء كونه بداعي جعل الداعي الفعلي ، لا جعل الداعي الاقتضائي ، لكنه ليس على حدّ الحمل على الإرشاد إلى وجود الملاك والمناط ، فإنّ المولوية محفوظة هنا.
١٦٠ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( فإنّ انتفاء أحد المتنافيين ... الخ ) (١).
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٦ / ٥.