كما أنّ الالتزام (١) برجوع النهي إلى خصوصية الكون في الحمّام مثلا ـ فلا نهي عن الصلاة حقيقة ـ بلا وجه بل ربّما يكون نفس الكون في الحمّام راجحا ، وإنّما لا يلائم الصلاة.
وربما يبرهن على لزوم رجوع النهي إلى الخصوصية بما محصله :
أن طبيعة الصلاة ـ بما هي ـ لا يعقل أن تؤثر في المصلحة والمفسدة ؛ بداهة أنّ الطبيعة لا تقتضي اقتضاءين متباينين ، والإطلاق وإن كان في قبال التقييد ، إلاّ أنه لتسرية الحكم إلى جميع أفراد الطبيعة ، لا أنه دخيل في ترتّب الأثر ؛ ليتوهّم أنّ المطلق ـ بما هو مطلق ـ يغاير المقيّد ـ بما هو مقيّد ـ وذات الطبيعة ـ بما هي ـ متّحدة مع المقيّد اتحاد اللامتعيّن مع المتعيّن ، واللابشرط المقسمي مع بشرط شيء.
وفيه : أوّلا ـ أن المحال اقتضاء الشيء أثرين متقابلين لا أثرين متباينين غير متقابلين ، وليس كلّ مصلحة مضادّة لمفسدة.
وثانيا ـ أنّ اتّحاد المطلق والمقيد في الوجود لا يمنع عن دخل القيد في ترتّب شيء عليه ، كشرب السكنجبين الحامض ـ مثلا ـ في مكان بارد أو زمان بارد ، فإنه من حيث ذاته يؤثّر في دفع الصفراء ـ مثلا ـ ومن حيث تقيّده بالوقوع في المكان البارد أو الوقت البادر يؤثّر في الحمّى مع أنّ شرب السكنجبين من حيث ذاته لا يؤثّر في الحمّى ، ونفس الكون في المكان البارد أو الوقت البارد لا يؤثّر في الحمّى ، بل شرب الحامض مقيّدا بهذا القيد الخاصّ يؤثّر ذلك الأثر الخاصّ المجامع مع الأثر الآخر ، فافهم وتدبّر.
فالصحيح في تصوّر الكراهة : هو أن طبيعة الصلاة على ما هي عليه من
__________________
(١) كما عن بعض أجلّة العصر وهو المحقق الشيخ عبد الكريم الحائري ( رحمه الله ) في درر الفوائد : ١ / ١٣٦.