مضافا إلى ما عرفت سابقا مفصّلا (١) من عدم الدوران لعدم الانحصار في مقام استيفاء الغرضين بالبعث والزجر.
نعم إذا كان عموم المأمور به شموليا كما فيما إذا وجب إكرام كلّ عالم ، وحرم إكرام كلّ فاسق ، فالمجمع لا بدل له دائما فغلبة أحد الملاكين توجب سقوط مقتضي الملاك الآخر ، بخلاف الصلاة ، فإنّ عمومها بدلي ، فلا دوران إلاّ في صورة الانحصار بغير سوء الاختيار.
فإن قلت : الغلبة بمعنى آخر توجب سقوط النهي ولو مع عدم الانحصار ، وهو كون الحركة الصلاتية في المجمع حسنة بقول مطلق وإن كان سائر أفرادها أحسن ، فمعنى الغلبة غلبة الجهة المقتضية للحسن على الجهة المقتضية للقبح لا غلبة المصلحة والمفسدة في مقام البعث والزجر ، فلا حاجة إلى الدوران في الأوّل بخلاف الثاني.
وعليه فالحركة الصلاتية ـ المتّحدة مع الغصب الخروجي من الأوّل ـ لا نهي عنها ؛ حيث لا قبح فيها ، وإن كان يتوقف تعنون الخروج القبيح في نفسه بعنوان حسن [ على ] اتحاده (٢) مع الحركة الصلاتية.
كما لا ينافي حسنه كونه متوقفا على الدخول القبيح المحرم ، ولا مجال لهذا الاحتمال في الملاك المقدمي ، فإنّ الإجماع على صحّة الصلاة حال الخروج كفى به كاشفا عن تعنون الخروج بعنوان حسن بالفعل مع قبحه بطبعه ، ولا كاشف مثله هناك ، فإنّ المقدّمية لفعل الأهمّ لا توجب حسن الخروج بالفعل ، بل إرشاد العقل إلى اختيار أقلّ القبيحين وأخف المحذورين.
قلت أوّلا : إنّ المصالح والمفاسد القائمة بالأفعال ـ التي هي ملاكات
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ١٩٠ عند قوله : ( ومما ذكرنا يظهر بالتأمّل ... ).
(٢) في الأصل : باتحاده ....