كالصدق.
هذا على المشهور.
وأمّا على التحقيق : فالشيء : إمّا أن يكون بعنوانه حسنا ؛ بمعنى أن الموضوع بحكم العقل العملي بالحسن نفسه (١) مع قطع النظر عن عنوان آخر ، وهو الحسن بالذات.
وإمّا لا يكون بعنوانه حسنا ، سواء كان لو خلّي وطبعه انطبق عليه عنوان حسن كالصدق ، فإنه لو خلّي وطبعه حسن ، فإنه عدل ، أو لم يكن لو خلّي وطبعه كذلك ، بل كان في نفسه إما قبيحا أو لا حسنا ولا قبيحا ، فالأوّل كالكذب ، فإنه لو خلّي وطبعه ينطبق عليه عنوان الإغراء بالجهل المنتهى إلى الظلم ، وأمّا لو عرضه عنوان إنجاء المؤمن كان حسنا ؛ لأنه عدل وإحسان حينئذ ، والثاني كشرب الماء ، فإنّه في حدّ ذاته لا ينطبق عليه عنوان حسن أو قبيح.
وهذا المسلك أحسن مما سلكه المشهور من عنوان العلّية التامّة والاقتضاء ؛ بداهة أنّه لا تأثير ولا تأثر للعناوين ، بل الحسن والقبح ـ اللذان هما من صفات الفعل الاختياري ـ عبارة عن حكم العقل العملي المأخوذ من القضايا المشهورة ـ المعدودة من الصناعات الخمس في علم الميزان ـ ، وموضوع هذا الحكم بنفسه ـ من غير ملاحظة شيء آخر ـ هو العنوان الحسن لذاته ، وما ينطبق عليه هذا الموضوع العنواني حسن بالعرض ، وكلّ ما بالعرض لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات.
نعم بعض الموضوعات لو خلّي وطبعه ينطبق عليه ذلك العنوان ، فيعبّر عنه بأنه حسن بذاته ، وبعضها ليس كذلك ، بل في حدّ ذاته لا ينطبق عليه شيء.
__________________
(١) كذا في الأصل.