لتعلّقها (١) بفعل نفسه ، لكنه لا يتّصف البعث بالباعثية بالإمكان إلاّ إذا كان بحيث لو انقاد المكلّف له لخرج من حدّ الإمكان إلى الوجوب ، ولا يعقل خروجه من حدّ الإمكان إلى الوجوب إلا إذا كان متعلّقه قابلا للخروج من حدّ الإمكان إلى الوجوب ؛ بداهة عدم انفكاك الانبعاث عن البعث إمكانا ووجوبا وامتناعا ، فالآمر وإن اعتقد قدرة المأمور ـ ولذا أنشأ بداعي البعث ، وصدر منه الإنشاء ـ لكنه لا يتّصف بإمكان كونه باعثا إلاّ إذا اتّصف متعلّقه فعلا بإمكان الانبعاث نحوه ، ولا نعني بالبعث الحقيقي إلاّ ما يمكن كونه باعثا وداعيا.
ومنه اتضح : أن القدرة شرط مقارن للإرادة التكوينية ولما ينتهي إليه أمر الإرادة التشريعية. فتدبّر.
٣٧ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( بل ينبغي تعميمه إلى أمر مقدور متأخّر ... الخ ) (٢).
يمكن دعوى اندراجه فيما ذكره ؛ حيث إنّ المقدمة وإن كانت مقدورة بذاتها ، لكنها غير مقدورة بقيدها لتقيّدها بالزمان المتأخّر. فحصول الواجب موقوف على أمر غير مقدور : إما بذاته كالوقت بالنسبة إلى الواجب ، أو بقيده كالمقدّمة المتقيّدة بزمان متأخّر ، وأما المقدور المتأخّر عن زمان الإيجاب من باب الاتفاق ـ لا من حيث تقيده به ـ فالعبارة وإن كانت قاصرة عن شموله ، لكنه لا موجب لإدخاله تحت المعلّق ، كما عرفت في طيّ كلماتنا ، إلاّ أنّ ظاهر الفصول (٣) إلحاقه به ، بل صريح فيه ، فراجع.
__________________
(١) الصحيح : ( لتعلّقه ) لعود الضمير على ( الشوق إلى البعث ).
(٢) كفاية الاصول : ١٠٣ / ١٤.
(٣) الفصول : ٨٠ عند قوله ( رحمه الله ) : ( ... كذلك يصحّ أن يكون وجوبه على تقدير حصول أمر مقدور ، فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله ، وعلى تقدير حصوله يكون واجبا قبل حصوله ... الخ ).