وقال ابو حنيفة تجزى به الصلاة واختلف اصحابه فى انه قرآن ام فى معناه وقال ابو يوسف ومحمد ان كان يحسن القرآن بالعربية لم يجزه غيرها وان كان لا يحسنه اجزأ دليلنا على صحة ما ذهبنا اليه بعد الاجماع المتكرر قوله تعالى :
( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) وقوله صلىاللهعليهوآله : لا صلاة بفاتحة الكتاب والاحتجاج بالآية والخبر صحيح اذا سلموا لنا ان من عبر عن القرآن بالفارسية فلا يقال له قرآن وان لم يسلموا ذلك وادعوا انه قرآن استدللنا على فساد قولهم بقوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ) وقوله عز وجل : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ).
وايضا فان القرآن ليس بادون حالا من الشعر ولو أن معبرا اعتبر عن قصده من الشعر بالفارسية لما سمى أحد ما سمعه بانه شعر فبان لا يقال ذلك فى القرآن بطريق اولى وايضا فان اعجاز القرآن فى لفظه ونظمه فاذا عبر عنه بغير عبارته لم يكن قرآنا فان تعلق المخالف بقوله تعالى ان هذا لفى الصحف الاولى صحف الاولى صحف إبراهيم وموسى وبقوله تعالى : انه لفى زبر الاولين والصحف الاولى لم تكن بالعربية وانما كانت بلغة غيرها فالجواب عن هذا انه تعالى يرد ان القرآن كان مذكورا فى تلك الكتب بتلك العبارة وقيل ايضا انه اراد صفة محمد صلىاللهعليهوآله وذكر شريعته ودينه فى الصحف الاولى وانما اراد ان حكم هذا الذى ذكره فى القرآن مذكور فى تلك الكتب بتلك العبارة.
فان قيل قد حكى الله تعالى عن نوح عليهالسلام انه قال ( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) وعن غيره من الامم الماضية ونحن نعلم انهم لم يقولوا ذلك بهذه العبارة العربية وانما قالوه بلغاتهم المخالفة لها الا أنه لما حكى المعنى اضاف الأقوال اليهم وهذا يقتضى ان من عبر عن القرآن بالفارسية يكون عبارته قرآنا قلنا لا أحد من الناس يقول ان من عبر الكلام بما يوجد فيه معناه يكون قائلا له بعينه وانما يكون قائلا لما معناه معنى هذا الكلام وفائدته فظاهر