بل إنما هو ـ على تقديره ـ علم مصحح للعقاب على مخالفة نفسه ، لكونه حينئذ تكليفا معلوما مبينا.
هذا ، ثم إن الإشكال المتقدم ، الوارد على جعل المقدر ـ المرتفع فيما لا يعلمون هي المؤاخذة بناء على عموم الموصول للحكم ، يرد عليه على تقدير تخصيص الموصول بالموضوع أيضا بناء على استقلال العقل بقبح العقاب على مخالفة التكليف المجهول ، حتى فيما إذا كان الجهل ناشئا من الأمور الخارجية ـ كما هو الحال في الشبهات الموضوعية ـ وسيأتي اختياره ـ قدس سره ـ له أيضا ، لكن لا حاجة في الاستدلال إلى جعله هي المؤاخذة ـ على هذا التقدير ـ لصحة الاستدلال بناء على جعله هو الأثر المناسب ، وهو إيجاب الاحتياط بالتقريب المتقدم في الاستدلال عليه بالحديث على الشبهات الحكمية على تقدير عموم الموصول للحكم.
قوله ـ قدس سره ـ : ( فلعل نفي جميع الآثار مختص بها ، فتأمل ... ) (١).
أقول : الأمر بالتأمل لعله إشارة إلى أنه إذا كان المقدر في تلك الثلاثة جميع الآثار فيبعد كونه في غيرها من الستة الباقية خصوص المؤاخذة لاستلزام ذلك للتفكيك الّذي يأباه ظاهر السياق ، فإن ظاهره أن المقدر في الجميع على نسق واحد ، فبعد كون المراد في تلك الثلاثة رفع جميع الآثار ، فالظاهر ذلك أيضا في الستة الباقية التي منها ما لا يعلمون ، فافهم.
قوله ـ قدس سره ـ : ( رفع كل واحد من التسعة ... ) (٢).
وهذا نظرا إلى أن إسناد فعل إلى العدد يقتضي إسناده إلى كل واحد من
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٢١.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٢١.