.................................................................................................
______________________________________________________
سفيه وطلب منه ما يعلم أنه يقتله والسائل لم يعلم ذلك أو أتى صبي جاهل وطلب أفعى لحسن نقشه ونعومته ولا يعلم أنه يقتله ولا يبالي بذلك فالحكمة والجود يقتضيان منعهما لا إعطاءهما ، ولو أعطاهما ذمه العقلاء.
فظهر أنه لا بد أن يكون هذا الوعد من الحكيم مشروطا ومنوطا بالمصلحة ، فإن قيل : فإذا كان هكذا فما فائدة الدعاء فإن ما كان صلاح العباد فيه يأتي أمنه لا محالة. قلت : يمكن أن يكون مع الدعاء الصلاح في الإعطاء ومع عدمه الصلاح في منعه.
فعلى هذا المطالب ثلاثة أقسام :
الأول : أن تكون المصلحة في الإعطاء على كل حال كالرزق الضروري وأمثاله.
الثاني : أن لا تكون المصلحة في الإعطاء بوجه.
الثالث : أن تكون المصلحة في العطاء مع الدعاء وفي العدم مع عدمه.
وإنما يظهر أثر الدعاء في الثالث ، ولما لم يكن لعامة الخلق التميز بين تلك الأقسام فلذا أمروا بالدعاء عموما فيما لم يكن عدم المصلحة فيه ظاهرا ولم يكن ممتنعا عقلا أو عادة أو محرما شرعا ليحصل بذلك القرب والثواب ، فإن لم يستجب ينبغي أن لا ييأس ويعلم أنه سبحانه إنما لم يستجب لما علم أنه ليس له في ذلك مصلحة ، أو لإخلاله ببعض شرائط الدعاء أو غير ذلك.
الرابع : أن لكل عبادة شرائط لحصولها وموانع عن قبولها ، فلما لم تتحقق الشرائط ولم ترتفع الموانع لم يترتب عليها آثارها الدنيوية والأخروية كالصلاة إذا ورد فيها : من صلى دخل الجنة ، أو زيد في رزقه مثلا ، فإذا صلى بغير وضوء أو فعل ما يبطلها أو يحبطها لم تترتب عليها آثارها الدنيوية والأخروية ، وإذا قال الطبيب : السقمونيا مسهل ، فإذا شرب الإنسان معه ما يبطل عمله كالأفيون فهو لا يبطل قول الطبيب ولا ينافي حكمه في ذلك.