.................................................................................................
______________________________________________________
ففي الأول يطلع شمس الروح من أفق الجسد ، وفي الثاني تغرب فيه ، انتهى.
وقال الراغب : السجود أصله التطأمن والتذلل ، وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته وهو عام في الإنسان والحيوانات والجمادات وذلك ضربان ، سجود باختيار وليس ذلك إلا للإنسان وبه يستحق الثواب ، نحو قوله « فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا » أي تذللوا له ، وسجود بتسخير وهو للإنسان والحيوان والنبات وعلى ذلك قوله تعالى « وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ » وقوله تعالى « يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ » فهذا سجود تسخير ، وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة ، وأنها خلق فاعل حكيم ، وقوله تعالى « وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ » ينطوي على النوعين من السجود التسخير والاختيار ، وقوله تعالى « وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ » فذلك على سبيل التسخير وقال في الظل قوله تعالى « أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا » إلخ أي إنشاؤه ، يدل على وحدانية الله تعالى وينبئ عن حكمته ، وقوله عز وجل « وَلِلَّهِ يَسْجُدُ إلخ » قال الحسن أما ظلك فيسجد الله ، وأما أنت فتكفر به ، انتهى.
وأقول : يحتمل أن يكون المراد بالظلال عالم المثال ، أو عالم الأرواح سواء قيل بتجردها أم كونها أجساما لطيفة ، كما روي عن الصادق عليهالسلام أن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام فلو قام قائمنا أهل البيت ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ولم يورث الأخ في الولادة ، وروي أيضا أن الله خلق الخلق فخلق من أحب ، وكان ما أحب أن خلقه من طينة من النار ثم بعثهم في الظلال ، فقلت : وأي شيء الظلال ، فقال : ألم تر إلى فلك في الشمس شيء وليس بشيء ، ومثله في الأخبار كثير وقد مر شرحها فالمراد بالظلال أرواحهم أو أجسادهم المثالية ، أو أمثلتهم على القول بعالم المثال ، فكلما يصدر عن أجسادهم من السجود