شر إبليس وجنوده وعوذوا صغاركم في تلك الساعتين فإنهما ساعتا غفلة.
______________________________________________________
حكمته ولطفه لعباده فيستحق بذلك ثناء طريفا وشكرا جديدا.
الخامسة : أنه يظهر في الوقتين ظهورا بينا أن جميع الممكنات في معرض التغير والتبدل والفناء ، وأنها مسخرة لإرادة رب الأرض والسماء ، وهو سبحانه باق على حال لا يعتريه الزوال ولا يخاف عليه الأهوال ولا تتبدل عليه الأحوال كما قال الخليل عليهالسلام ( لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ) (١) فيتنبه العارف المترقي إلى درجة اليقين أنه سبحانه المستحق للتسبيح ، والتهليل ، والتحميد ، والتمجيد ، والثناء العتيد.
السادسة : أن في هاتين الساعتين تنادي جميع المخلوقات في الأرضين والسماوات ، أنها مخلوقة مربوبة ، مفتقرة إلى صانع حكيم ، منزه عن صفات الحدوث والإمكان وسمات العجز والنقصان كما قال سبحانه ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) (٢) بسمع اليقين ينبغي أن يوافقهم في ذلك ، بل ينادي روحه ونفسه وجسده وأعضاؤه بشراشرها بلسان الحال ، فيجب أن يوافقها بالمقال في جميع الأحوال ، لا سيما في هاتين الحالتين اللتين ظهور ذلك فيهما أكثر من سائر الأحوال وهذه قريبة من السابقة.
السابعة : أنه ينبغي للإنسان أن يحاسب نفسه كل يوم بل كل ساعة قبل أن يحاسب في القيامة كما ورد عنهم عليهمالسلام « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا » لا سيما في هذين الوقتين اللذين هما وقتا صعود ملائكة الليل والنهار ، فعند المساء ينبغي أن ينظر ويتفكر فيما عمل به في اليوم وساعاته ، وما قصر فيه من عبادة ربه وطاعاته ، وما أتى به من سيئاته فيستغفر ربه ويحمده ويمجده استدراكا لما فات منه من الحسنات ، واستمحالا فتيلا في ذلك بالذكر
__________________
(١) الأنعام : ٧٦.
(٢) الإسراء : ٤٤.