الَّذِي وَفَّى » قلت فما عنى بقوله في نوح : « إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً » قال كلمات بالغ فيهن قلت وما هن قال كان إذا أصبح قال أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنها منك وحدك لا شريك لك فلك الحمد على ذلك ولك الشكر كثيرا كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا قلت فما عنى بقوله في يحيى : « وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً » قال تحنن الله قال قلت فما بلغ من تحنن الله عليه قال كان إذا قال يا رب قال الله عز وجل لبيك يا يحيى.
______________________________________________________
قوله تعالى : « إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً » (١) قيل كان يحمد الله في مجامع حالاته وفيه إيماء إلى أن نجاته ونجاة من معه كان ببركة شكره ، وحث للذرية على الاقتداء به وقيل الضمير موسى لأنه المذكور في صدر الآية السابقة حيث قال سبحانه « وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً » (٢) والخبر يدل على إرجاعه إلى نوح ، وهو أقرب لفظا وقوله عليهالسلام « كلمات » يحتمل الوجهين « ما أصبحت بي » التأنيث باعتبار معنى الموصول والباء للملابسة ، وفي بعض الأخبار ما أصبح نظرا إلى لفظ الموصول ، وقراءته بصيغة الخطاب كما توهم تصحيف « وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا » قيل أي رحمة منا عليه أو رحمة منا وتعطفا في قلبه على أبويه وغيرهما عطف على الحكم في قوله « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ » « وَزَكاةً » قيل أي الطهارة النفسانية من الأرجاس الشيطانية ، أو صدقة تصدق الله بها على أبويه ، أو مكنه ووفقه للتصدق على الناس قال « تحنن الله » التحنن الترحم والتعطف والاشتياق والبركة.
__________________
(١) الإسراء : ٢.
(٢) الإسراء : ٢ ـ ٣.