رضوانك ومغفرتك وإن رددتها إلى بدني فارددها مؤمنة عارفة بحق أوليائك حتى تتوفاها على ذلك.
______________________________________________________
لله ـ أراد بهم الرهابين أقاموا بالصوامع ، ومنه تسمية النصارى الحبيس ، وفي بعض النسخ احتبست نفسي عندك فاحتسبها بتقديم السين على الباء في الموضعين ، وهو عندي أظهر أي رضيت بقبضك روحي في المنام ، وبما قدرته علي فيه من إمساكها وإرسالها ، كما قال تعالى ( وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (١) فالغرض تفويض أمر نفسه إليه والرضا بما قضى عليه.
فقوله : « فاحتسبها في محل رضوانك » أي في محل أهل رضوانك والذين ترضى عنهم ، والظاهر أنه في صورة الإمساك بقرينة المقابلة ويحتمل التعميم ليشمل حالة النوم فيرفع نفسه إلى المحل الذي يرفع إليه نفوس أهل الرضوان والغفران قال في النهاية فيه ـ من صام رمضان إيمانا واحتسابا ـ أي طلبا لوجه الله وثوابه والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به ، والحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد والاحتساب في الأعمال الصالحات ، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها ، ومنه الحديث ـ من مات له ولد فاحتسبه ـ أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته ، يقال : احتسب فلان ابنا له إذا مات كبيرا وافترطه إذا مات كبيرا ، وافترطه إذا مات صغيرا ، ومعناه اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها انتهى.
__________________
(١) الزمر : ٤٢.