كفيت فإذا قال آمنت بالله قالا هديت ـ فإذا قال : تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ، قالا وقيت فيتنحى الشيطان فيقول بعضهم لبعض كيف لنا بمن هدي وكفي ووقي قال ثم قال اللهم إن عرضي لك اليوم ـ ثم قال يا أبا حمزة إن تركت الناس لم يتركوك
______________________________________________________
« اللهم إن عرض لك اليوم » أي لا أتعرض لمن هتك عرضي لوجهك إما عفوا أو تقية وكلاهما لله رضي ، في النهاية العرض أي بالكسر موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره ، وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب ، وقال ابن قتيبة عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير ، ومنه حديث أبي ضمضم اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك أي تصدقت على من ذكرني بما يرجع إلى عيبه ومنه حديث أبي الدرداء ( أقرض من عرضك ليوم فقرك ) أي من عابك وذمك فلا تجاوزه واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة انتهى ، وقيل : معنى هذا الحديث إني أبحت للناس عرضي لأجلك ، فإن اغتابوني وذكروني بسوء عفوت عنهم وطلبت بذلك الأجر منك يوم القيامة لأنك أمرت بالعفو والتجاوز ، وقد ورد أن يوم القيامة نودي ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا.
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته قال اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس ، معناه إني لا أطلب مظلمة يوم القيامة ولا أخاصم عليها ، لا أن غيبته صارت بذلك حلالا ، وذلك لأنه لا يسقط الحق بإباحة الإنسان عرضه للناس لأنه عفو قبل الوجوب ، إلا أنه وعد ينبغي له أن يفي به ولا سيما إذا جعله لله.
وأقول : في خصوص هذه المادة لا ينفع العفو لأن ذمه وغيبته عليهالسلام كفر ولا ينفع عفوهم في رفع عقابهم ، ولا يشفعون في الآخرة أيضا لأنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى ، فعفوهم للتقية أو لرفع درجاتهم ولا ينفع المعفو أصلا « إن تركت الناس