بمحمد وآل محمد وأقدمهم بين يدي صلاتي وأتقرب بهم إليك فاجعلني بهم وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ مننت علي بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم
______________________________________________________
« بمحمد وآل محمد » قيل الباء للسببية أو الاستعانة « وأقدمهم بين يدي صلواتي » قيل : الصلاة هدية وتحفة من العبد إلى الله تعالى ، ولا بد في إيصاله إليه وقبوله لها من توسطهم عليهمالسلام كما يتوسط مقربو السلطان في إيصال التحف إليه « وأتقرب بهم إليك » أي أتقرب بتوسطهم أو بتصديقهم ومتابعتهم إليك.
وأقول : لما كان الصلاة معراج المؤمن وبها يتقرب إلى حضرة القدس ولا يمكن سلوك هذه الطريقة الأصفى والوصول إلى هذا المقصد الأقصى إلا بدليل يهدى إلى ذلك السبيل ومعين يوصل العائد إلى حضرة الرب الجليل وينجيه من وساوس أهل التضليل ويسقيه بكأس المحبة من العين السلسبيل ، فلذا توسل بمقربي جنابه والعارفين بطرق قربه وأبوابه وتوسل بهم إليه ، واستشفع بهم لديه فقال « فاجعلني بهم » أي بهدايتهم وإرشادهم وتأييدهم وإسعادهم أو بتصديقهم واتباعهم « وجيها » أي ذا جاه ومنزله ، في المصباح : وجه بالضم وجاهة فهو وجيه إذا كان له حظ ورتبة ، وفي القاموس : الوجه سيد القوم كالوجيه ، وقال الراغب فلان وجيه ذو جاه ، فالوجاهة عند الله في الدنيا بالعلم والعمل وسلوك الطريقة القويمة ومتابعة العترة الهادية وكونه من الهادين المخلصين لله الدين ، وفي الآخرة بالدرجات الرفيعة ، وكونه محشورا مع أئمة الدين بل يكون ببركتهم وقربهم من شفعاء المذنبين ويظهر منزلتهم وجاههم عند الله على العالمين ولذا قال « ومن المقربين » أي منك ومن الأئمة الراشدين برغم النواصب والمخالفين كما قال سبحانه ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ) (١) وقالوا عند ذلك ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (٢).
__________________
(١) الملك : ٢٧.
(٢) الشعراء : ١٠٠.