واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبدا ما أبقيتني ».
______________________________________________________
يراد به التوفيق في رؤية ما يجوز رؤيته والمنع عما لا يجوز فإن ذلك يصلح القلب ويشرح الصدر ويزيد في الفهم ، ورؤية الحرام بضد ذلك ، ويحتمل أن يراد به القوة البصرية الموجبة للرؤية والمقصود في الدعاء في طلب سلامة العين وحفظها عن زوال نورها انتهى ولا يخفى ما في الأولين من التكلف ، وقيل : الواو في قوله ـ والشكر بمعنى مع « وأبدا » ظرف لا جعل أو الشكر وما حرفية مصدرية زمانية مثل ما دمت حيا فمعنى « ما أبقيتني » زمان إبقائك إياي وهو تأكيد أبدا.
وأقول : هذا الدعاء من الأدعية الجامعة ومع وجازته متضمن لحوائج الدنيا والآخرة فإنه سأل نور البصر أولا وهو أشرف القوي البدنية وأنفعها في الدين والدنيا ، ثم سأل أن تكون بصيرته القلبية في دينه بأن يختار ما هو أنفع لآخرته ولا يختار الدنيا عليها ، ثم سأل اليقين الذي هو أكمل مراتب الإيمان كما مر ـ إنه لم يقسم بين العباد شيء أقل من اليقين وما من شيء أعز منه وإن حده أن لا تخاف مع الله شيئا ـ ثم سأل الإخلاص الذي هو أعظم شرائط قبول الأعمال وأهم مكملاتها ثم سأل السلامة في نفسه أي تكون نفسه سالمة عن الأمراض النفسانية من الشك والشرك والحسد وحب الدنيا والفخر والعصبية وسائر الصفات الذميمة كما قال سبحانه ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١) وقال ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) ، ثم سأل السعة في الرزق والتي لا يتم الرفاهية في عيش الدنيا إلا بها ، ثم سأل أن تكون تلك النعم مقرونة بالشكر لئلا تكون استدراجا كما مر إنه قال عمر بن يزيد قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إني سألت الله عز وجل أن يرزقني ما لا فرزقني ، وإني سألت الله أن يرزقني ولدا فرزقني ، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني وقد خفت أن يكون ذلك استدراجا فقال : أما والله مع الحمد فلا.
__________________
(١) الشعراء : ٨٩.