إلى الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده.
٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ميسر بن عبد العزيز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال لي يا ميسر ادع ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه إن عند الله عز وجل منزلة لا تنال إلا بمسألة ولو أن عبدا سد فاه
______________________________________________________
وهذه الأخبار يدفع أقوال الصوفية القائلين بأن ترك الدعاء أحسن مطلقا أو في بعض الأحوال ، قال الطيبي في شرح المشكاة : دلت الأحاديث الصحيحة على استحباب الدعاء والاستعاذة ، وعليه أجمع العلماء وأهل الفتاوى في الأمصار في كل الأعصار ، وذهب طائفة من الزهاد وأهل المعارف إلى أن ترك الدعاء أفضل استسلاما للقضاء ، وقال آخرون منهم : إن دعا للمسلمين فحسن وإن خص نفسه فلا ، ومنهم من قال : إن وجد في نفسه باعثا للدعاء استحب وإلا فلا ، ودليل الفقهاء ظواهر القرآن والسنة في الأمر بالدعاء والأخبار عن الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
الحديث الثالث : صحيح.
« ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه » الأمر حدوث الحوادث وتدبيره ، وفرغ على بناء المجهول ، والظرف قائم مقام الفاعل ، والنهي عن هذا القول يحتمل ، وجهين :
أحدهما : بطلانه فإن هذا قول اليهود وبعض الحكماء ، بل لا بد من الإيمان بالبداء ، والله سبحانه كل يوم في شأن ، ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، فالقدر والقضاء لا يمنعان الدعاء لأنه يمكن تغيير ما قدر في لوح المحو والإثبات ، مع أن الدعاء أيضا من أسباب القضاء ، وكذا الأمر بالدعاء أيضا منها.
والثاني : أن يكون المراد بالفراغ من الأمر تعلق علمه سبحانه بما هو كائن ، وثبوت جميع ذلك في اللوح المحفوظ ، فمن علم الله أنه يموت في سنة كذا يستحيل أن يموت قبلها أو بعدها ، وإلا لزم أن يكون علمه تعالى جهلا ، فهذا الكلام صحيح لكن ذلك لا يمنع الأمر بالدعاء والإتيان به ، وترتب الفائدة عليه ، فالمراد بالنهي عن القول النهي عن جعل ذلك مانعا عن الدعاء وسببا للاعتقاد بعدم فائدته كما