قال تقول ـ يا من هو أقرب إلي مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يا فعالا لِما يُرِيدُ يا من
______________________________________________________
عليه بما فيه من الصفات الجميلة ، خلقية كانت أو اختيارية ، ولهذا كان المدح أعم من الحمد ، قال الخطيب التبريزي : المدح من قولهم انمدحت الأرض إذا اتسعت ، فكان معنى مدحته وسعت شكره.
« يا من هو أقرب » مأخوذ من قوله تعالى : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (١) قال البيضاوي : أي ونحن أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه من حبل الوريد تجوز بقرب الذات لقرب العلم لأنه موجبه وحبل الوريد مثل في القرب ، قال : والموت أدنى لي من الوريد ، والحبل العرق وإضافته للبيان ، والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه.
وقيل : سمي وريدا لأن الروح ترده ، وقال الطبرسي (ره): « نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ » بالعلم « مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » وهو عرق يتفرق في البدن يخالط الإنسان في جميع أعضائه ، وقيل : هو عرق الحلق عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : هو عرق متعلق بالقلب يعني نحن أقرب إليه من قلبه عن الحسن ، وقيل : معناه نحن أعلم به ممن كان منه بمنزلة حبل الوريد في القرب ، وقيل : معناه نحن أملك له من حبل وريده مع استيلائه عليه وقربه منه ، وقيل : معناه نحن أقرب إليه بالإدراك من حبل الوريد لو كان مدركا ، انتهى.
وأقول : لعل المعنى الذي قبل المعنى الأخير أقرب المعاني ففي النسبة إلى حبل الوريد إيماء إلى جهة قربه سبحانه فإن الحياة تزول عند قطعه ، فربما يتوهم أنه علة لها فأشار إلى أنه تعالى أقرب من جهة العلية من هذا العرق ، فإن الموجد والمحيي والمبقي هو الله سبحانه ، وهو خلق هذا العرق وجعله من شرائط الحياة فهو سبحانه أقرب من جهة العلية وأقوى منه وهو مسبب الأسباب وعلة العلل.
__________________
(١) ق : ١٦.