ابن القداح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء اجعلوني في أول الدعاء وفي
______________________________________________________
لا يقدم في المهام ويجعل تبعا. انتهى.
وقال في الفائق : أراد لا تؤخروني في الذكر لأن الراكب يؤخر القدح إلى أن يرفع كل شيء بسبب ما فيه من الماء. وربما يحتاج إليه فيستعمله ويشربه ثم يعلقه في آخر رحله عند فراغه من ترحاله ويجعله من خلفه.
وأقول : يظهر من هذا الخبر معنى آخر وهو أن وجه الشبه أن الراكب لا يذكر قدحه إلا إذا عطش وأراد أن يشرب فحينئذ يملأه ويشربه ، وأما في سائر الأوقات فهو عنه في غفلة. وقيل « في » في المواضع بمعنى « مع » والمعنى إذا كان لك حوائج فصل قبل كل دعاء ولا تكتف بالصلاة مرة قبل جميع الدعوات ، فوجه الشبه النسيان في أكثر الأوقات ، انتهى.
وأقول : ظاهر الخبر أنه ليس الغرض من التشبيه ما فهمه المخالفون بل المعنى لا تجعلوني كقدح الراكب لا يذكره إلا إذا عطش واضطر إليه ، فيلتفت إليه ويشرب منه ، وأما في سائر الأوقات فهو غافل عنه كما مر ، أو الغرض أن الراكب يملأ القدح أولا ويشربه كلما اضطر إليه فلا تجعلوا الصلاة كذلك بأن تصلوا أولا وتكفوا بذلك في سائر الدعوات ، فقوله : إذا شاء متعلق بيشربه فقط ، أو المعنى ينبغي أن لا يكون غرضكم من الصلاة التوسل بها إلى الإجابة فقط فتذكروها في أول الدعاء ثم تبالغوا في حاجتكم وتهتموا بها ، بل ينبغي أن يكون اهتمامكم بالصلاة أكثر فتكرروها في أول الدعاء ووسطه وآخره ، وتجعلوها مقصودكم الحقيقي كما أومأنا إليه في الخبر الأول.
فشبه عليهالسلام الصلاة التي جعلها وسيلة الإجابة بالقدح وملئها فإنها وسيلة للشرب عند الحاجة والمقصود الحقيقي هو الشرب ، ويمكن تطبيقه على ما فهمه اللغويون بتكلف بأن يكون قوله : يملأ قدحه ، لبيان علة تأخير تعليق القدح فإنه