____________________
قيل : ان المراد بالسكر ما يشرب من أنواع الاشربة مما يحل الرزق الحسن ما يؤكل والحسن : اللذيذ.
وقد أخطأ من تعلق بهذه الاية في تحليل النبيذ ، لانه سبحانه انما أخبر عن فعل كانوا يتعاطونه ، فأى رخصة في هذا اللفظ ، والوجه فيه أنه سبحانه أخبر أنه خلق هذه الثمار لينتفعوا بها ، فاتخذوا منها ما هو محرم عليهم ، ولا فرق بين قوله هذا وبين قوله « تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ».
أقول : فرق بينهما لان قوله تعالى « تتخذون منه سكرا » في مقام الامتنان وقوله « تتخذون أيمانكم » في مقام الانكار وقبله « ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون امة هى أربى من امة » نعم مثله في مقام الامتنان قوله : « تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ».
وأما قول ابن عباس ومن تبعه بأن الرزق الحسن ما أحل منها ، وفى مقابلة السكر ما حرم منها يأباه المقام فانه في مقام الامتنان بالطيبات ، يشهد بذلك آيات قبله بانزال الماء من السماء واسقاء اللبن من بين فرث ودم ، وآيات بعده باخراج العسل : شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.
والظاهر أن السكر معرب « شكر » بالفارسية : فكما أن الشكر هو ماء قصب يؤخذ ويغلى بالنار حتى يقول كالعسل فيؤتدم به هكذا صقر التمر وسقر العنب : يؤخذ ويغلى بالنار حتى يقول ، ليؤتدم به ، وهو الدبس وكلها رزق حسن اتخذها البشر بالهام الله عزوجل فعملها كذلك ، لئلا يطرؤها فساد الحموضة ، وتبقى للائتدام بها والارتزاق سنين كثيرة.
وكثيرا ما يغلى دبس السكر « شيرهء
شكر » زائدا حتى يعلوه رغوة وزبد يتحجر
كاللوح فتؤخذ عليحدة وتسمى بالفارسية « شكرك » وهو الذى سموه بالعربية « سكرة » كقبرة أو هى لغة حبشية على ما يظن ، ويسمى دبس التمر والعنب صقرا وسقرا ـ بفتحتين
بالسين والصاد ـ أيضا ويشبهان لفظ « شكر » لفظا ومعنا ، ولعلهما تعربيان لكلمة « شكر
» بصورة أخرى ، وقد سمى جهنم « سقر » تشببها لموادها المذابة الدائمة الغليان
بالشيرج