على ما ينافي ما ذهب إليه الفراء ، للزوم رجوع الكلام حينئذ إلى طلب النقيضين والتعبير عن أمثال هذه العبارات الدالة على أمر غير لايق بالمتكلم بعنوان الغيبة ، وإن كان في الاصل موضوعا على التكلم ، شايع مستعمل في التنزيل والاخبار وكلام الفصحاء ، كما قال تعالى : «أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» (١) وقوله : «وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين» (٢) وأمثاله أكثر من أن تحصى.
قوله : «حصن فرجي» في بعض النسخ بعده «وأعفه» كما في سائر الروايات وتحصين الفرج وإعفافه هو صونه عن الحرام ، كما ذكره الجوهري ، فعطف الاعفاف عليه تفسيرى ، ويمكن أن يكون الحصين من المحرمات ، والاعفاف من المكروهات ، والشبهات.
والعورة العيوب لانها في اللغة كل ما يستحى منه ، والضمير في «حرمهما» يحتمل عوده إلى الفرج والعورة ، نظر إلى اختلاف اللفظين ، بناء على أن المراد بالعورة أيضا الفرج ، وعلى ما ذكرنا راجع إلى الفرجين بقرينة المقام ، أو يرتكب تجوزفي إسناد التحريم إلى العورة ، وربما يقرأ «عورتي» بالياء المشددة على صيغة التثنية فلا إشكال ، وفي أكثر نسخ الحديث «وحرمني».
وفسر الجلال بصفات القهر ، والاكرام بصفات اللطف ، أو الجلال بالسلبية والاكرام بالثبوتية ، أو الجلال الاستغناء المطلق ، والاكرام الفضل العام.
قوله عليهالسلام : «لذته» الضمائر الثلاثة راجعة إلى الطعام بقرينة المقام «يا لها نعمة» «يا» حرف تنبيه أو حرف نداء ، واللام للتعجب ، نحويا للماء ويا للدواهي ، والضمير في «لها» مبهم يفسره قوله : نعمة ، على نحو ما قيل في ربه رجلا أو راجع إلى النعم المذكورات أو إلى مادل عليه المقام من النعم ، ونعمة منصوب على التمييز والتنوين للتفخيم ، أي يا قوم تعجبوا أو تنبهوا لنعمة عظيمة
____________________
(١) النور : ٧.
(٢) النور : ٩.