قال : يا أباذر استحي من الله فاني والذي نفسي بيده لاظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي استحياء من الملكين اللذين معي.
يا أباذر أتحب أن تدخل الجنة؟ قلت : بلى يا رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : فاقصر الامل ، واجعل الموت نصب عينك ، واستحي من الله حق الحياء (١).
بيان : المشهور بين الاصحاب استحباب تغطية الرأس في الخلاء ، والذي يظهر من الاخبار والتعليلات الواردة فيها وفي كلام بعض الاصحاب أنه يستحب التقنيع بأن يسدل على رأسه ثوبا يقع على منافذ الرأس ، ويمنع وصول الرائحة الخبيثة إلى الدماغ ، وإن كان متعمما (٢) وهذا أظهر وأحوط.
____________________
(١) مكارم الاخلاق ص ٥٤٦.
(٢) قال الشيخ المفيد في المقنعة ص ٣ ، وترى نصه في التهذيب ج ١ ص ٢٤ ط نجف : ومن أراد الغائط فليرتد موضعا يستتر فيه عن الناس بالحاجة ، وليغط رأسه ان كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه ، وهو سنة من سنن النبى صلىاللهعليهوآله وفيه اظهار الحياء من الله تعالى لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه ».
أقول : لم يكن يعرف في عهد النبى صلىاللهعليهوآله وبعده بقليل في جزيرة العرب لافى مكة ولا مدينة مصانع يختزن فيها الماء في الدار ، ولابيت الخلاء للبراز ، فكانوا عندالحاجة يبرزون من الدار ويطوفون هكذا وهكذا ليرتادوا خلوة من الناس ويتخلون ، وربما وجد الرجل خلوة وقعد للغائط ، واذا رجل أو امرءة طلع من جانب يمر عليه ، فيراه ويعرفه فيخجل استحياء منه.
ولذلك كان صلوات الله وسلامه عليه يرتاد لغائطه ، واذا كان مع أصحابه ذهب فأبعد حتى لا يراه أحد ولا يجلس معذلك الا بعدأن يغطى رأسه بردائه أو غير ذلك ، ولذلك قالوا : انه صلىاللهعليهوآله مارئى على غائط قط ، وقصته مع غورث بن الحارث المحاربى في غزوة ذات الرقاع معروفة حيث خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله ليقضى حاجته فجعل بينه وبين أصحابه الوادى.