يكون انتفاء الحدث أو الخبث ، ولا شك في تحقق هذا المعنى في الملائكة ، وأيضا ارتكاب المجاز في حمل الخبرعلى الانشاء كما ارتكبتم في الاستدلال ليس بأولى من ارتكاب هذين المجازين ، إلا أن يقال إنه مجاز واحد ، وهذان مجازان.
ثم على تقدير تسليم رجوع الضمير إلى القرآن نقول : إن دلالتها على المطلوب أيضا غير تام إذ يجوز أن يكون اتصافه بأنه لا يمسه إلا المطهرون باعتبار أصله الذي في اللوح كما أن اتصافه بفي كتاب مكنون أيضا كذلك.
وأيضا يجوز أن يكون المراد والله أعلم أنه لا يعلم حقايقه ودقايقه وبطونه وأسراره إلا المطهرون من الذنوب ، وهم أصحاب العصمة الذين نزلت فيهم آية التطهير عليهمالسلام وعن جنيد : المطهرون أسرارهم عما سوى الله.
وفي بعض التفاسير عن محمد بن الفضل : المراد لا يقرء القرآن ، إلا موحد وعن الحسين بن الفضل لايعلم تفسيره وتأويله إلا المطهرون من الكفر والنفاق.
وأما حديث لزوم مجازية المس والطهارة حينئذ فقد عرفت جوابه ، على أنه على تقدير حمل المس على حقيقته ، وثبوت الحقايق الشرعية ، وحمل الطهارة على حقيقتها ، لا نسلم أن الطهارة حقيقة شرعا في رفع الحدث الاصغر أو جميع الاحداث ، إذيجوز أن يكون حقيقة في رفع كل حدث ، وكذا في رفع الخبث أيضا فحينئذ يجوز أن يكون المراد بالمطهرين المطهرين من الحدث الاكبر أو النحاسة.
ثم لو سلم أن المراد الطهارة من الحدث الاصغر أو جميع الاحداث ، فلا نسلم أن النهى ههنا للتحريم ، ومايقال : إن ظاهر النهي التحريم ، فعلى تقدير تسليمه إنما يسلم فيما يكون بصريح صيغة النهي فقط ، لا فيما يكون نفيا مستعملا بمعنى النهي أيضا ، والقول بأن التحريم أقرب المجازات إلى النفي ممنوع.
نعم روى الشيخ في التهذيب (١) بسند فيه جهالة عن إبراهيم بن عبدالحميد عن أبي الحسن عليهالسلام قال : المصحف لاتمسه على غير طهر ، ولا جنبا ، ولا تمس خيطه
____________________
(١) التهذيب ج ١ ص ٣٥ ط حجر.