ينسبوا هذا القول إليه ، مع أنه قدصرح بذلك في كتاب معاني الاخبار حيث قال : «(باب في معنى الصاع والمد والفرق بين صاع الماء ومده وبين الصاع طعام ومده)» ثم ذكر الروايات الثلاث المتقدمة ، والقول باختلاف مقدار الصاع في الموضعين ، وإن كان بعيدا لكن من مقام الجمع ليس ببعيد.
بل نقول : الاعتبار والنظر يقتضي الاختلاف (١) إذ معلوم أن الرطل
____________________
(١) أقول : قد كان مدارا التعامل والتبادل صدر الاسلام وبعده بكثير ـ على المكاييل وتعيين المقادير بها ، ففى المبادلات المتعارفة اليسيرة كانوا يكتالون بصغارها خصوصا في الرساتيق والقرى ، لاعواز الموازين والصنجات عندهم وسهولة الحساب عليهم بالمكاييل دون الموازين ، وفى المبادلات الكثيرة يتعاطون بكبارها حتى في المدن ومراكز الصنعة لفقدان الموازين الكبيرة التى تقدر أن تنوء بحمل المآت والالوف.
وكان أصل المقياس على العدد المعروف ١٢ ، فاثنا عشر حبة درهم واثنا عشر درهما اقة ـ وهذه أوزان متعارفة متداولة واثنا عشر أقة جعلت بصورة كيل مصنوع من الفلزات كالكاس و الجام ، ويعرف بالرطل ، ثم اثنا عشر رطلا مكوك واثنا عشر مكوكا اردبة وهى حجم ذراع مكعبا والذراع قدمان وكل قدم اثنا عشر اينشا ، ويكون اربعون أردبة كرا ، ومنه قولهم : البرالكر منه بستين درهما ، ولكن لا يذهب عليك أن هذه السلسلة تبتنى على الرطل العراقى فقط.
ومن الاصل ١٢ * ١٢ : جين اثنا عشر عددا والقراصة اثنا عشر جينا ، ومثله القدم والشبر اثنا عشر اينشا ، والبريد اثنا عشر ميلا وغير ذلك مما لايحضرنى الان.
وهناك مكاييل اخرى من الفروع يتبنى على غير هذا الاصل وقد يتداخل : كالمد رطلان والصاع ثمانية أرطال وستون صاعا وسق ويسمى حمل بعير ووقر حمار ، وثمانية مكوك قفيز وستون قفيزا كرالى غيرذلك.
والمكيال الذى كان متداولا في صدر الاسلام ، ويبنون عليه في تكثير مكاييلهم وتكسيرها الرطل ، ولم يكن لهم في تقديره ولا مقياسه صنع ، لكونهم أميين لا يعرفون الحساب ولا الميزان ، ولا صنعة لهم في عمل الظروف وتقديرها ولذلك اختلف معيار الرطل عندهم ، واشتبه عليهم معيار سائر المكاييل المبتنية عليه : تداولت قريش في مكة رطلا بينهم ، ولعلهم جاءوا بها من الشام ، وتداولت أهل