دلت على استحباب المبالغة في الاجتناب من النجاسات ، ولا يبعد فهم استحباب النورة وأمثالها ، بل استحباب الكون على الطهارة وتأييد لدلايل الاغسال المستحبة ، و استحباب المبالغة في الاجتناب عن المحرمات والمكروهات ، والاجتناب عن محال الشبهات ، وكل ما فيه نوع خسة ودناءة ، والحرص على الطاعات والحسنات ، فانهن يذهبن السيئات ، فان الطهارة إن كان لها شرعا حقيقة فهي رافع الحدث أو المبيح للصلاة ، وهنا ليست مستعملة فيه اتفاقا فلم يبق إلا معناها اللغوي العرفي أي النزاهة والنظافة ، وهي يعم الكل انتهى.
وأكثر ما ذكر لا يخلو من مناقشة كما لا يخفي.
وأما الاية الرابعة فاستدل بها على طهارة مطلق الماء ومطهريته ، و اورد على بأنه ليس في الكلام ما يدل على العموم ، وإنما يدل على أن الماء من السماء مطهر ، وبأن الطهور مبالغة في الطاهر ، ولا يدل على كونه مطهرا بوجه.
واجيب عن الاول بأن ذكره تعالى ماء مبهما غير معين ووصفه بالطهورية والامتنان على العباد به ، لا يناسب حكمته تعالى ولا فائدة في هذا الاخبار ولا امتنان فيه ، فالمراد كل ماء يكون من السماء ، وقددلت آيات اخر على أن كل المياه من السماء نحو قوله تعالى : «وأنزلنا من السمآء مآء بقدر فأسكناه في الارض وإنا على ذهاب به لقادرون» (١).
وقوله سبحانه : « ألم تر أن الله أنزل من السمآء ماء فسلكه ينابيع في الارض (٢) ».
____________________
(١) المؤمنون : ١٨.
(٢) الزمر : ٢١. ولكن الايتين وأمثالهما لم تتضمن أن كل ماء انزلناه من السماء بل نكر الماء فقال «من السماء ماء» والمراد به أن مياه الانهار والعيون ليس من نفس الارض تجرى وتنبع ، وانما هى ماء المطر تنزل على رؤس الوادى والجبال فيسيل في