غيرماء فاحتلم أكثرهم ، فتمثل لهم إبليس وقال : تزعمون أنكم على الحق وأنتم تصلون بالجنابة وعلى غير وضوء ، وقد اشتد عطشكم ، ولو كنتم على الحق ما سقبوكم إلى الماء ، وإذا أضعفكم العطش قتلوكم كيف شاؤا ، فأنزل الله عليهم المطر وزالت تلك العلل ، وقويت قلوبهم ، ونزلت الاية.
فتدل ظاهرا على تطهيرماء المطر للحدث والخبث (١) ولعل المراد بتطهير الله إياهم توفيقهم للطهارة ، وقيل : الحكم به بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر والمراد بقوله : «وليطهركم به» الطهارة من النجاسة الحكمية أعني الجنابة و الحدث الاصغر أو منها ومن العينية أيضا كالمنى.
ويراد برجز الشيطان (٢) إما الجنابة فانها من فعله ، وإما وسوسته لهم ، والربط على القلوب يراد به تشجيعها وتقويتها ووثوقها بلطف الله بهم ، وقيل : إن هذا المعنى هو المراد أيضا بتثبيت أقدامهم.
وبالجملة الاية تدل على تطهير ماء المطر للحدث والخبث في الجملة وأما الاستدلال بها على مطهرية الماء مطلقا فلا يخلو من إشكال (٣).
وأما الاية الثالثة فتدل في الجملة على مدح التطهر من الاقذار لاسيما بالماء ، وقد روي عن الباقر والصادق عليهماالسلام أنها نزلت في أهل قبا لجمعهم في الاستنجاء عن الغائط بين الاحجار والماء ، وروي لاستنجائهم بالماء ، وقيل : ربما
____________________
(١) ليس يمن الله عزوجل بأنه نزل المطر ليطهرهم بماء المطر لمزيته على سائر المياه ، بل المنة لاجل أنهم جيئوا بالماء من فوق رأسهم من دون أن يشقوا أنفسهم بحفر القليب وتهيئة الدلاء والرشا وغير ذلك ، والمطر من منن الله العظام ، فانه يرفع بقدرته ومشيئته المياه من البحار ويركمها سحابا يسوقه إلى حيث يشاء ، فيعصره وينزل بالمطر فيتلبد الارض وينبت العشب والكلاء والحبوب والاثمار ، ثم تسيل من الوادى إلى القرار فيأخذه الناس لحاجاتهم.
(٢) ولعل المراد برجز الشيطان هو الذى أمر بهجره في قوله تعالى : «والرجز فاهجر» ، فيناسب كون المراد به المنى وآثار الجنابة.
(٣) قد عرفت أنه لا اشكال في الاستدلال بها.